للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعْمل فيه، فأخذتُ سيفَه فضربتُهُ به حتى قَتَلْتُهُ، فَنَفَّلَني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سيفه.

الأثر الرابع: وقال ابنُ عُمر: لا يَبْلُغُ العَبْدُ حقيقةَ التَّقوى حتى يَدَعَ ما حاكَ في الصَّدر. والمراد بالتقوى: وقاية النفس عن الشرك. والأعمال السيئة، والمواظبة على الأعمال الصالحة، وسُئِل عليٌّ رضي الله تعالى عنه عن التَّقوى، فقال: هي الخوفُ من الجَليل، والعملُ بما في التنزيل، والاستعدادُ ليوم الرَّحيل.

وقوله: "يدع" أي يترك، وقد أماتوا ماضي يَدَعُ ويَذَرُ، ولكن جاء في قراءة: "مَا وَدَعَكَ ربك" بالتخفيف.

وقوله: "حَاك" بالمهملة والكاف الخفيفة، أي: تَرَدَّدَ، واضطرب، ولم ينشرِح له الصدر، وخاف الإِثم فيه، وفي بعض النسخ ما حَكَّ بتشديد الكاف، وفي بعضها ما حاك بالألف والتشديد من المحاكّة.

وفي أثر ابن عُمر إشارة إلى أن بعض المؤمنين بَلَغَ كُنْهَ الإِيمان، وبعضهم لم يَبْلُغه، فتجوز الزيادة والنقصان، وقد أخرج ابن أبي الدُّنيا عن أبي الدَّرْداء، قال: تمام التقوى أن تَتَّقي الله حتى تَتْرُك ما يُرى أنه حلالٌ خشيةَ أن يكون حرامًا.

قال في "الفتح" لم أر أثر ابن عمر هذا موصولًا إلى الآن، وقد ورد معناه عند مسلم من حديث النَّوَّاس مرفوعًا، وعند أحمد من حديث وابصة، وليس فيها

شيءٌ على شرط البخاري، فلذلك اقتصرعلى أثر ابن عمر.

وابن عمر: هو عبد الله بن عمر بن الخطاب القُرَشيُّ العَدَوِيُّ، ونسبه في نسب أبيه المتقدم في الحديث الأول، أبو عبد الرحمن، أمه زَيْنَب بنت مَظْعُون الجُمَحِيَّة، وهو شقيقُ أم المؤمنين حَفْصة، ولد سنة ثلاث من المَبْعَث النبويِّ، وهاجر وهو ابن عشر سنين، وقيل: ابن إحدى عشرة ونصف، أسلم مع أبيه، وهاجر معه، وقول من قال: إنه أسلم قبلَ أبيه،

<<  <  ج: ص:  >  >>