للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهاجر قبله، لا يُعْبأُ به، عُرِضَ يوم بدرٍ وأُحُد فاستُصْغِر، وأُجيز في الخَنْدَقِ، وهو ابن خَمْسَ عشرةَ سنة، كما ثَبَتَ في "الصحيح"، وشهد الحُدَيْبيةَ، وقال بعض أهل السِّيَر: إنه أول من بايع يومئذ، ولا يَصِحُّ، والصحيح أن أول من بايَعَ تحت الشجرة بَيْعَة الرُّضوان أبو سِنان الأسَدِيّ، وهو أحد الستة المكثرين في الحديث كما مر في ترجمة عبد الله بن عبّاس، وأحد العبادلة الأربعة كما مر هُناك أيضًا.

قال ابن عبد البَرِّ: كان لا يَتَخَلَّف عن السَّرايا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم كان بعد مؤتة مُولعًا بالحجّ قبل الفِتْنَة، وفي الفتنة إلى أن مات، ويقولون: إنه من أعلم الصحابة بمناسِكِ الحجّ، كان رضي الله عنه شديد الوَرَع، وكان كثير الاتّباع لأثار رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، شديدَ التَّحَرّي والاحتياط والتَّوَقِّي في فَتْوَاه. وكلِّ ما يأخذ به نفسه. قال جابر: ما مِنّا أحدٌ أدرك الدنيا إلا مالت به ومال بها، ما خلا عُمر وابنه عبد الله. وقال مَيْمون بن مِهران: ما رأيت أوْرَعَ من ابن عمر، ولا أعلم من ابن عباس.

وفي "الصحيح" عنه: كان مَنْ رأى رُؤيا في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - قصَّها عليه، فتمنيت أن أرى رؤيا، وكنت غلامًا عَزَبًا أنام في المسجد، فرأيت في المنام كأن ملَكَين أتياني، فذهبا بي .. الحديث، وفي آخره فقَصَصْتُها على حَفْصة، فَقَصَّتها حفصة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "نِعْمَ الرَّجل عبد الله لو كان يُصلي من الليل" فكان بعد ذلك لا ينام من الليل إلا القليل، وقال - صلى الله عليه وسلم - لأخته حَفْصة حين قَصَّت عليه رؤياه التي في "الصحيح" أيضًا من أنه قال: إني رأيت في يديَّ سرَقَةً من حرير، فما أهوي بها إلى مكانٍ من الجنة إلا طارَت بي إليه: "إنَّ أخاكِ" أو "إن عبد الله رجلٌ صالحٌ".

وقال عبد الله بن مسعود: لقد رأيتنا ونحن متوافرونَ فما بينَنا شابٌّ أمْلَكَ لنفسه من عبد الله بن عُمر. وعن السُّديّ: رأيت نفرًا من الصّحابة كانوا يَرَوْن أنه ليس أحدٌ فيهم على الحالةِ التي فارق عليها النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - إلا ابن عمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>