للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإِبل، وأخبره الخبر، فقال: كيف تَرَكُوك؟ قال: انْفلَتُّ منهم لأنك أحب إلي منهم، فاسْتَحْلَفَه، فحَلَف، فقال: إني احْتسَبْتُك معها، فأعتقه، فقيل له بعد ذلك: هل لك في ناقتك الفلانية تُباع في السوق؟ فأرَاد أن يَذْهب إليها، ثم قال: كنت احْتَسَبْتُ الإِبل، فلأيِّ معنًى أطلب الناقة؟

وعن عبد الله بن أبي عُثمان أعْتَقَ عبد الله بن عُمر جاريةً له، يقال لها: رفثة، كان يُحِبُّها، وقال: سمعت الله تعالى يقول: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: ٩٢] وعن نافع كانت لابن عمر جارية معجبة، فاشتد عجبُهُ بها، فأعتقها، وزوجها مولى له، فأتَتْ منه بولدٍ، فكان ابن عمر يأخُذُ الصبيَّ، فيقبِّلُه، ويقول: واهًا لريح فلانة.

وفي "البَيْهَقِيّ": أعطى عبد الله بن جَعْفر في نافع لعبد الله بن عُمر عشرة آلاف درهم وألف دينار، فقيل له ماذا تَنْظُر؟ قال: فهَلَّا ما هو خيرٌ من ذلك، هو حرٌّ. وعن زَيْد بن أسْلَم: مرّ ابن عمر براع، فقال: هل من جَزَرَة؟ قال: ليس ها هنا ربها، قال: تقول له: أكلها الذِّيبُ، قال: فاتَّقِ الله، فاشترى ابن عُمر الراعي والغنَم وأعْتَقَه، ووهَبَها له. قال ابن خَلِّكان: كان ابن عُمر إذا اشتد عجبهُ بشيء من ماله قَرَّبه إلى ربه عز وجل، قال نافع: كان رقيقُه قد عَرَفوا ذلك منه، فرُبَّما شَمَّرَ أحدهم، فيلزم المسجد، فإذا رآه ابنُ عُمر على تلك الحالة الحسنة، أعْتَقَه، فيقول له أصحابه: يا أبا عبد الرحمن والله ما بِهم إلا أن يَخْدَعُوك، فيقول: ما خَدَعَنا أحدٌ في الله إلا انْخَدَعنا له. قال نافعٌ: ما ماتَ ابن عُمر حتى أعْتَقَ ألف إنسان أو ما زاد، ونشر نافعٌ مولاه عنه علمًا جمًّا.

ورُوِي أن مروان بن الحكم دخل عليه في نفرٍ بعد قتل عُثمان رضي الله عنه، فعرضوا عليه أن يُبايعوا له، قال: وكيفَ لي بالنّاس؟ قال: تُقاتِلُهم ونُقاتِلُهم معك. قال: والله لو اجْتَمَعَ أهل الأرض عليَّ إلا أهل فَدَك ما قاتَلْتُهم، فخرجوا من عنده وهو يقول:

والمُلْكُ بَعْدَ أبي لَيْلى لِمَنْ غَلَبَا

<<  <  ج: ص:  >  >>