وكان الحجاج قد أمر رجلًا فَسَمَّ زُجَّ رمح وزَحَمَه في الطريق، ووضع الزُّجَّ على ظَهْر قدمه، وذلك أن الحَجّاج خَطَبَ يومًا، وأخَّرَ الصلاة، فقال له ابن عمر: إن الشَّمْسَ لا تَنْتَظرُك، فقال له الحَجّاج: لقد هَمَمْتُ أن أضرب الذي فيه عيناك، قال: إن تَفْعَل فإنك سفيهٌ مُسَلَّطٌ. وقيل: إنه أخفى قوله ذلك عن الحجّاج، ولم يُسْمِعْه، وإنما كان يَتَقَدَّمه في المواقف بعَرَفة وغيرها إلى المواضع التي كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يَقِفُ فيها، وكان ذلك يَعِزُّ علي الحجّاج، فأمر الحجّاجُ رَجلًا معه حَرْبة، يقال: إنها كانت مسمومةً، فلما دَفَعَ الناس من عَرَفَة، لصِق به ذلك الرجل، فأمَرَّ الحربةَ على قدمه، وهي في غَرْزِ راحِلَتِه، فمرِض منها أيّامًا، فدخل الحجّاج يعوده، فقال له: من فَعَلَ هذا بك يا أبا عبد الرحمن؟ فقال: وما تَصْنَعُ به، قال: قتلني الله إن لم أقْتُلْه، قال: ما أراك فاعلًا، أنت الذي أمَرْتَ الذي نَخَسني بالحربة، فقال: لا تَفعل يا أبا عبد الرحمن، وخَرَج عنه. ورُوي أنَّه قال للحجّاج حين قال له: من فعل بك؟ أنت أمرت بإدخال السِّلاح في الحرم، فلَبِث أيّامًا، ثم مات، وصلى عليه الحَجّاج، ودُفِن بذي طُوى كما مَرَّ، وَقيل: دفن بِفَخٍّ موضع قرب مكة، وقيل: بِسَرِفَ، وقيل: بالمُحَصَّبِ سنةَ اثنتين، وقيل: ثلاث، وقيل: أربع وسبعين، بعد قتل ابن الزُّبير بثلاثة أشهر، عاش أربعًا وثمانين، وقيل سبعًا وقيل ستًّا.
رُوِي له عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ألفا حديث وست مئة وثلاثون حديثا، اتَّفَقا على مئة وسبعين، وانفرد البُخاريُّ بأحدٍ وثمانين، ومسلم بأحد وثلاثين.
روى عن: أبي بكرٍ، وعُمر، وعُثمان، وأبي ذَرٍّ، ومُعاذ، وعائشة، وغيرهم.
وروى عنه من الصحابة: جَابر، وابن عبّاس، وغيرهما، وروى عنه بنوه سالمٌ، وعبد الله، وحَمْزة، وبِلال، وزيد، وعبد الله، وابن أخيه حفص بن عامِر، ومن كبار التابعين: سَعيد بن المُسيِّب، وأسلَم مولى عُمر، وعَلْقَمة بن وقّاص، ومَسْروق، وجُبَير بن نُفير، وعبد الرحمن بن