إيمانه واعتقاده، وبالتقوى اعتبارًا لمعاشرته للخلق ومعاملته مع الحق.
ووجه استدلال المؤلف بهذه الآية ومناسبتها لحديث الباب، يظهر من الحديث الذي رواه عبد الرزاق وغيره أن أبا ذَرٍّ سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الإِيمان، فتلا عليه {لَيْسَ الْبِرَّ ....} إلخ.
ورجاله ثقات، ولم يسقه المؤلف لأنه ليس على شرطه، وروي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: من عمل بهذه الآية فقد استكمل الإِيمان، ووجه الاستدلال هو أن الآية حصرت التقوى على أصحاب هذه الصفات، والمراد المتقون من الشرك والأعمال السيئة، فإذا فعلوا وتركوا فهم المؤمنون الكاملون، والجامع بين الآية والحديث هو أن الأعمال مع انضمامها إلى التصديق داخلة في مسمى البر كما هي داخلة في مسمى الإِيمان، فإن قيل ليس في المتن ذكر التصديق، أجيب بأنه ثابت في أصل هذا الحديث عند مسلم وغيره، والمصنف يكثر الاستدلال بما اشتمل عليه المتن الذي يذكر أصله، ولم يسقه تمامًا. من فتح الباري.
ثم استدل المؤلف لذلك أيضًا بآية أخرى فقال:{قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} الآية بلا أداة عطف، والحذف جائز، والتقدير وقول الله:{قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ}[المؤمنون: ١] وثبت المحذوف في رواية الأصيلي، ويُحتمل أن يكون ذكر ذلك تفسيرًا لقوله:{الْمُتَّقُونَ}، أي المتقون هم الموصوفون بقوله:{قَدْ أَفْلَحَ} إلى آخرها، وكان المؤلف أشار إلى إمكان عد الشعب من هاتين الآيتين وشبههما.
ومن ثم ذكر ابن حِبّان أنه عد كل طاعة عدها الله تعالى في كتابه من الإِيمان، وكل طاعة عدها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الإِيمان، وحذف المكرر فبلغت تسعًا وتسعين، وقوله: الآية، يجوز فيها النصب بتقدير اقرأ، والرفع مبتدأ حذف خبره أي والآية دليل.
وقوله:{قَدْ أَفْلَحَ} قد لتحقيق ما يحصل في المستقبل وتنزيله منزلة الواقع، فإنها تثبت المتوقع كما أن لما تنفيه، و {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ}، أي: