في بيت واحد إلا قيس بن سعد بن عبادة بن دُليم، وقيل: كان ذلك في صَفوان بن أمية، وأخرج ابن عبد البَرّ بسنده عن نافع قال: مرَّ ابن عمر على أُطُمِ سعد فقال لي: يا نافع، هذا أُطُمُ جوادٍ، لقد كان مناديه ينادي يومًا في كل حول: من أراد الشحم واللحم فليأتِ دارَ دُليم. فمات دُليم فنادى منادي عُبادة مثل ذلك، ثم مات عبادة، فنادى منادي سعد بمثل ذلك، ثم قد رأيت قيس بن سعد يفعل مثل ذلك. وكان جدهم دُليم يهدي إلى مناةَ، صنم، كل عام عشر بُدْن، ثم كان عبادة يهديها كذلك إلى أن أسلم، ثم أهداها قيس إلى الكعبة، وكانت حفنة سعد تدور مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في بيوت أزواجه.
وروى ابن أبي الدنيا، كان أهل الصُّفَّة إذا أمسوا انطلق الرجل بالواحد، والرجل بالاثنين، والرجل بالجماعة، وأما سعد فكان ينطلق بثمانين. وكان سعد يقول:"اللهمَّ هب لي مجدًا، ولا مجد إلا بِفعال، ولا فِعال إلا بمال، اللهم إنه لا يصلحني القليل، ولا أصلح عليه".
وروى أحمد عن قيس بن سعد قال: زارنا النبيّ -صلى الله عليه وسلم- في منزلنا، فقال:"السلام عليكم ورحمة الله وبركاته" ثم رفع يديه، وقال:"اللهم اجعل صلواتك ورحمتك على آل سعد بن عبادة". وروى أبو يعلى عن جابر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "جزى الله الأنصار خيرًا، لاسيما عبد الله بن عمرو بن حرام وسعد بن عبادة" وكان قيس بن سعد مع أبي عُبيدة وعمر في غزوة، فقالا له: عزمنا عليك أن لا تنحر، فلم يلتفت إلى ذلك، ونحر فبلغ ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال: إنه من بيت جُود.
وروى مَقْسَم عن ابن عباس قال: كان للنبي -صلى الله عليه وسلم- في المواطن كلها رايتان: مع عليّ راية المهاجرين، ومع سعد بن عبادة راية الأنصار، وفي سعد بن عبادة وسعد بن معاذ جاء الخبر المأثور "أن قريشًا سمعوا صائحًا يصيح ليلًا على أبي قُبَيس:
فإن يسلمِ السَّعدانِ يصبحْ محمدٌ ... بمكةَ لا يخشى خلافَ المُخالف
فظنت قريش أنهما سعد بن زيد مناة بن تميم، وسعد بن هُذَيم بن قضاعة، فسمعوا الليلة الثانية صوتًا على أبي قُبيس:
أيا سعدُ سعدَ الأوسِ قد كنت ناصرًا ... وسعدُ سعدَ الخزرجينَ العَظارفِ
أجيبا إلى داعي الهُدى وَتَمَنَّيا ... على الله في فردوس مُنْيَةَ عارفِ
فإنَّ ثوابَ الله في طالب الهدى ... جِنانٌ من الفردوس ذاتُ رفارفِ
وقد استشارهما النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم الخندق، لما أراد عُيينة بن حِصن أن يعطيه ثلث تمر المدينة، وينصرف بمن معه من غطفان، ويخذل أهل الأحزاب، فقالا: يا رسول الله، إنْ كنت أُمرتَ بشيء