فيه، وكذا في رواية عائشة بنت سعد عن أبيها في الطب، لكن وقع عند المصنف في الدعوات عن إبراهيم بن سعد في آخره "لكن البائس سعد بن خولة، قال سعد: رثى له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" الخ، فهذا صريح في وصله، فلا ينبغي الجزم بإدراجه.
وفي رواية عائشة بنت سعد عن أبيها في الطب من الزيادة "ثم وضع يده على جبهتي، ثم مسح وجهي وبطني، ثم قال اللَّهم اشف سعدًا، وأتمم له هجرته، قال: فما زلت أجد بردها" ولمسلم عن حميد بن عبد الرحمن "قلت: فادع الله أن يشفيني، فقال: اللهم اشف سعدًا، ثلاث مرات" وقوله: أن مات بمكة، أي بفتح همزة أن، لا يصح كسرها, لأنها تكون شرطية، والشرط لما يستقبل، وهو قد كان مات، والمعنى أن سعد بن خَولة هو من المهاجرين من مكة إلى المدينة، وكانوا يكرهون الإقامة في الأرض التي هاجروا منها، وتركوها مع حبهم فيها, لله تعالى، فمن ثمَّ خشيَ سعد بن أبي وقاص أن يموت فيها، وتوجع النبي -صلى الله عليه وسلم- لسعد بن خولة لكونه مات فيها.
وفي رواية الوصايا بدل "لكن البائس سعد بن خولة""يرحم الله ابن عفراء"، ووقع في رواية أحمد والنَّسَائيّ عن سفيان "فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: يرحم الله سعد بن عفراء، ثلاث مرات". قال الداوديّ "قوله ابن عفراء" غير محفوظ، وقال الدمياطيّ: هو وهم، والمعروف ابن خولة. قال: ولعل الوهم من سعد بن إبراهيم، فإن الزهريّ أحفظ منه، وقال فيه سعد بن خولة كما مرَّ.
وجوز أبو عبد الله بن أبي الخصال في حواشيه على البخاريّ أنّ المراد بابن عفراء عوف بن الحارث، أخو معاذ ومعوذ أولاد عفراء، وهي أمهم، والحكمة في ذكره ما ذكره ابن إسحاق أنه قال يوم بدر: ما يُضحك الرب من عبده؟ قال: أن يغمس يده في العدو حاسرًا، فألقى الدرع التي هي عليه، فقاتل حتى قتل. قال: فيحتمل أن يكون لما رأى اشتياق سعد بن أبي وقاص للموت، وعلم أنه يبقى حتى يلي الولايات ذكر ابن عفراءَ وحبه للموت، ورغبته في الشهادة، كما يذكر الشيء بالشيء، فذكر سعد بن خولة، لكونه مات بمكة، وهي دار هجرته، وذكر ابن عفراء مستحسنًا لميته ..
وهو مردود بالنص على قوله "سعد بن عفراء"، فانتفى أن يكون المراد عوفًا, وأيضًا فليس في شيء من طرق حديث ابن أبي وقّاص أنه كان راغبًا في الموت، بل في بعضها عكس ذلك، وأنه بكى، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ما يبكيك؟ فقال: خشيت أن أموت بالأرض التي هاجرت منها كما مات سعد بن خولة.
وهو عند النسائي أيضًا كما مرَّ، فمخرج الحديث متحد، والأصل عدم التعدد، فالاحتمال بعيد لو صرح بأنه عوف بن عفراء، فضلًا، وقال التيميّ: يحتمل أن يكون لأمه اسمان خولة وعفراء.