ويحتمل أن أحدهما اسمًا والآخر لقبًا أو يكون أحدهما اسم أمه والآخر اسم أبيه، أو والآخر اسم جدة له، والأقرب أن عفراء اسم أمه، والآخر اسم أبيه لاختلافهم في أنه خولة أو خَوْليّ.
وفي هذا الحديث من الفوائد غير ما تقدم، مشروعيةُ زيارة المريض للإمام فمن دونه، ويتأكد باشتداد المرض، وفيه وضع اليد على جبهة المريض، ومسح العضد الذي يؤلمه، والفسح له في طول العمر، وجواز إخبار المريض بشدة مرضه وقوة ألمه، إذا لم يقترن بذلك شيء مما يمنع أو يكره من التَّبَرُّم وعدم الرضا، بل حيث يكون ذلك لطلب دعاء، وربما أستحب، وأنّ ذلك لا ينافي الاتصاف بالصبر والمحمود، وإذ جاز ذلك في أثناء المرض كان الإخبار به بعد البرء أجوز.
وأن أعمال البر والطاعة إذا كان منها ما لا يمكن استدراكه، قام غيره في الثواب والأجر مقامه، وربما زاد عليه، وذلك أن سعدًا خاف أن يموت بالدار التي هاجر منها، فيفوت عليه بعض أجر هجرته، فأخبره عليه الصلاة والسلام بأنه إن تخلف عن دار هجرته فعمل عملًا صالحًا من حج أو جهاد أو غير ذلك كان له به أجر يعوض ما فاته من الجهة الأخرى.
قلت: إنما يتم هذا الأخذ لو كان سعد فاته شيء من الأجر في جهة دار هجرته، وهو لم يفته شيء، فلا معنى لهذا الأخذ.
وفيه إباحة جمع المال بشرطه, لأن التنوين في قوله "وأنا ذو مالٍ" للكثرة، وقد وقع في بعض طرقه صريحًا "وأنا ذو مال كثير". وفيه الحث على صلة الرحم، والإحسان إلى الأقارب، وأن صلة الأقرب أفضل من صلة الأبعد، والإنفاق في وجوه الخير, لأن المباح إذا قصد به وجه الله تعالى صار طاعة، وقد نبه على ذلك بأقل الحظوظ الدنيوية العادية، وهو وضع اللقمة في فم الزوجة، إذ لا يكون ذلك غالبًا إلا عند الملاعبة والممازحة، ومع ذلك فيؤجر فاعله إذا قصد به قصدًا صحيحًا، فكيف بما هو فوق ذلك؟
وفيه منع نقل الميت من بلد إلى بلد، إذ لو كان ذلك مشروعًا لأمر بنقل سعد بن خولة، قاله الخطّابيّ. قلت: في هذا الأخذ نظر, لأن النقل قد يندب إذا كان لمن ترجى بركته، بحيث لا ينفجر ولا تنتهك حرمته، بأن لا يكون المحل المنقول إليه بعيدًا. وقد مات سعد بن أبي وقّاص في قصره بالعَقيق، وحمل إلى البقيع، ولعل عدم نقل سعد بن خولة كان لبعد المسافة.
وفيه سد الذريعة، لقوله عليه الصلاة والسلام "ولا تردهم على أعقابهم" لئلا يتذرع بالأرض أحد، لأجل حب الوطن. قاله ابن عبد البر، وفيه تقييد مطلق القرآن بالسنة, لأنه قال سبحانه وتعالى {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} فأطلق، وقيدت السنة الوصية بالثلث، وأن من ترك شيئًا لله لا ينبغي له الرجوع فيه، ولا في شيء منه، مختارًا.