مزيد عليه، وقد تظاهرت نصوص الشريعة بالمؤاخذة على عزم القلب المستقر، كقوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ}[النور: ١٩] وقوله: {اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ}[الحجرات: ١٢] وقوله تعالى: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ}[البقرة: ٢٨٤] وغير ذلك.
وقال ابن الجَوْزيّ: إذا حدث نفسه بالمعصية لم يؤاخذ، فإن عزم وصمم زاد على حديث النفس، وهو من عمل القلب، قال: والدليل على التفريق بين الهَمِّ والعزم أن من كان في الصلاة فوقع في خاطره أن يقطعها لم تنقطع، فإن صَمَّم على قطعها بَطَلت وأجيب عن القول الأول بأن المؤاخذة على أعمال القلوب المستقلة بالمعصية لا تستلزم المؤاخذة على عمل القلب بقصد معصية الجارحة إذا لم يعمل المقصود، للفرق بين ما هو بالقصد وما هو بالوسيلة، وقسم بعضهم ما يقع في النفس أقساما، أضعفها أن يَخْطُر له ثم يذهبَ في الحال، وهذا من الوسوسة، وهو مَعْفُوٌّ عنه، وهو دون التردد، وفوقه أن يتردد فيه، فيهتم به، ثم ينفر عنه فيتركه، ثم يَهِمُّ به ثم يترك كذلك ولا يستمر على قصده، وهذا هو التردد، فيعفى عنه أيضًا، وفوقه أن يميل إليه ولا ينفر عنه، لكن لا يصمم على فعله، وهذا هو الهم فيعفى عنه أيضًا، وفوقه أن يميل إليه ولا ينفر منه، بل يصمم على فعله، وهذا هو العزم، وهو منتهى الهم، وهو على قسمين: القسم الأول أن يكون من أعمال القلوب صِرْفًا، كالشك في الوحدانية أو النبوة أو البعث، فهذا كفر، ودونه المعصية التي لا تصل إلى الكفر كمن يحب ما يبغض الله، ويبغض ما يحب الله، ويحب للمسلم الأذى بغير موجب لذلك، فهذا يأثم ويلتحق به الكِبْر والعجب والبغي والمكر والحسد، وفي بعض هذا خلاف، فعن الحسن البصري: إن سوء الظن بالمسلم وحسده معفو عنه، وحَمَلَه على ما يقع في النفس مما لا يُقْدَرُ على دفعه، لكن من يقع له ذلك مأمور بمجاهدة النفس على تركه، والقسم الثاني أن يكون من أعمال الجوارح كالزنى والسرقة، فهو الذي وقع