الإيمان بالغيب، ومن توقف في ذلك دل على خسرانه وحرمانه.
وفائدة الإخبار بذلك أن يتنبه السامع، فيأخذ في الأسباب التي تخلصه من تلك الأهوال، ويبادر إلى التوبة من التبعات، ويلجأ إلى الكريم الوهاب في عونه على أسباب السلامة، ويتضرع إليه في سلامته من دار الهوان، وإدخاله دار الكرامة بمنه وفضله. وقوله: استغاثوا بآدم ثم بموسى، الخ وقع هنا اختصار، ويأتي في الرقاق، في حديث الشفاعة الطويل أن الاستغاثة أولًا بآدم، ثم نوح، ثم بإبراهيم، ثم بموسى، ثم بعيسى، ثم بمحمد عليهم الصلاة والسلام، وهو لأنس، وأوله "يجمع الله الناس يوم القيامة، فيقولون: لو استشفعنا على ربنا حتى يريحنا من مكاننا، فيأتون آدم، فيقولون: أنت الذي خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأمر الملائكة، فسجدوا لك، فاشفع لنا عند ربنا، فيقول: لست هناكم، ويذكر خطيئته، ويقول: ائتوا نوحًا".
وقوله يجمع الله الناس يوم القيامة، إلخ وفي رواية المستملي "جمع"، بصيغة الماضي، والأول المعتمد، وفي رواية معبد بن هلال عند المصنف في التوحيد "إذا كان يوم القيامة ماج الناس بعضُهم في بعض" وأول حديث أبي هريرة في التفسير "أنا سيد الناس يوم القيامة، يجمع الله الناس الأولين والآخرين في صعيد واحد، يسمعهم الداعي، وينفذهم البصر، فيبلغ الناس من الفم والكرب ما لا يطيقون ولا يحتملون" وفي رواية عنه "وتدنو الشمس من رؤوسهم، فيشتد عليهم حرها، ويشق عليهم دنوها، فينطلقون من الضجر، والجزع مما هم فيه"، وأول حديث أبي بكر عند مسلم "عرُض عليَّ ما هو كائن من أمر الدنيا والآخرة، يجمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد، فيفظع الناس لذلك، والعرق كاد يلجمهم". وقد مرَّ حديث المقداد في هذا، وحديث سلمان الفارسي.
وفي رواية النضر بن أنس عن أنس عند أحمد "نعم ما هم فيه، والخلق ملجمون بالعرق، وأما المؤمن فهو عليه كالزكمة، وأما الكافر فيغشاه الموت" وفي حديث عُبادة بن الصامت "إني لسيد الناس يوم القيامة بغير فخر، وما من الناس إلا من هو تحت لوائي ينتظر الفرج، وإن معي لواء الحمد". وفي رواية هشام الدستوائيّ عند المصنف في التفسير، ورواية سعيد بن أبي عَروبة كذلك، ورواية همام في التوحيد "يجتمع المؤمنون" وتبين من رواية النضر بن أنس أن التعبير بالناس أرجح، لكن الذين يطلبون الشفاعة هم المؤمنون.
وقوله: فيقولون لو استشفعنا، وفي رواية مسلم "فيُلْهَمون ذلك" وفي لفظ "فيهتمون بذلك" وفي رواية همام "حتى يهتموا بذلك". وقوله: على ربنا، في رواية هشام وسعيد "إلى ربنا". توجه بأنه ضمن معنى استشفعنا سعى، لأن الاستشفاع طلب الشفاعة، وهي انضمام الأدنى إلى الأعلى، ليستعين به على ما يرومه. وفي حديث حُذيفة وأبي هُريرة معًا، عند مسلم، "يجمع الله الناس يوم القيامة، فيقوم المؤمنون حتى تُزْلَف لهم الجنة، فيأتون آدم" و"حتى" غاية لقيامهم المذكور، ويؤخذ