الذي فتح الله بك، وختم، وغفر لك ما تقدم وما تأخر، وجئت في هذا اليوم آمنًا، وترى ما نحن فيه، فقم فاشفع لنا إلى ربنا، فيقول: أنا صاحبكم، فيجوش الناس حتى ينتهي إلى باب الجنة". وفي رواية معتمر، فيقول: أنا صاحبها.
وقوله: فأستأذن، في رواية هشام "فأنطلق حتى أستأذن" وقوله: على ربي، زاد همام "في داره، فيؤذن لي" قال عياض: أي: في الشفاعة، وتعقب بأن ظاهر ما تقدم أن استئذانه الأول والإذن له إنما هو في دخول الدار، وهي الجنة. وأضيفت إلى الله تعالى إضافة تشريف ومِنَّة، والله يدعو إلى دار السلام على القول بأن المراد بالسلام هنا الاسم الأعظم، وهو من أسمائه تعالى. قيل: الحكمة في انتقال النبي -صلى الله عليه وسلم-، من مكانه إلى دار السلام أن أرض الموقف لما كانت مقام عرض وحساب، كانت مكان مخافة واشفاق، ومقام الشافع يناسب أن يكون مكان إكرام، ومن ثم يستحب أن يتحرى للدعاء المكان الشريف، لأن الدعاء فيه أقرب للإجابة. وقد جاء في بعض طرقه من جملة سؤال أهل الموقف استفتاح باب الجنة.
وفي صحيح مسلم أنه أول من يستفتح باب الجنة، وفي رواية علي بن زيد عند التِّرمذيّ "فآخذ حلقة باب الجنة، فأقعقعها، فيقال: من هذا؟ فأقول: محمد، فيفتحون ويرحبون، فأَخِرُّ ساجدًا" وعند مسلم عن أنس "فيقول الخازن: من؟ فأقول: محمد، فيقول بك أُمرت أن لا أفتح لأحد قبلك". وله أيضًا عن أنس، رفعه "أنا أول من يقرع باب الجنة" وفي رواية عن أنس "آتي باب الجنة فاستفتح فيقال: من هذا؟ فأقول: محمد، فيقال: مرحبًا بمحمد" وفي حديث سلمان "فيأخذ بحلقة الباب، وهي من ذهب، فيقرع الباب فيقال: من هذا؟ فيقول: محمد، فيفتح له، حتى يقوم بين يدي الله، فيستأذن في السجود فيؤذن له" وفي حديث أبي بكر "فيأتي جبريل ربَّه، فيقول: ائذن له" وقوله: فإذا رأيته وقعت له ساجدًا، في رواية أبي بكر "فآتي تحت العرش، فأقع ساجدًا لربي" وعند ابن وحِبّان عن أنس "فيتجلى له الرب، ولا يتجلى لشيء قبله" وعند أبي يعلى عن أُبيّ بن كعب، رفعه "يعرفني الله نفسه، فأسجد له سجدة يرضى بها عني، ثم أمتدحه بِمدحةٍ يرضى به عني".
وقوله: فيدعني ما شاء الله، زاد مسلم "أن يدعني" وفي حديث عبادة بن الصامت "فإذا رأيت ربي خررت له ساجدًا له" وفي رواية معبد بن هلال "فأقوم بين يده، فيلهمني محامد لا أقدر عليها الآن، فأحمده بتلك المحامد، ثم أخر له ساجدًا، وفي حديث أبي بكر الصديق "فينطلق إليه جبريل فيخر ساجدًا قدر جُمعة" وقوله: ثم يقال لي ارفع رأسك، في رواية مسلم "فيقال: يا محمد". وكذا في أكثر الروايات، وفي رواية النضر بن أنس "فأوحى الله إلى جبريل أن اذهب إلى محمد فقل له ارفع رأسك" فعلى هذا المعنى يقول لي على لسان جبريل. وقوله: وسَلْ تُعْطَه، وقيل يسمع، واشفع تُشَفَّع، وفي رواية مسلم بغير "واو" وفي أكثر الروايات سقوط "وقلْ يسمع" وفي