وقوله:"سُرِّي عنه" بضم المهملة وتشديد الراء المكسورة، أي: كشف عنه شيئًا بعد شيء.
وقوله:"اغسل الطيب الذي بك" هو أعم من أن يكون بثوبه أو ببدنه، وسيأتي البحث فيه.
وقوله:"واصنع في عمرتك ما تصنع في حجتك" في رواية. الكشميهني كما تصنع، وسيأتي في أبواب العمرة:"كيف تأمرني أن أصنع في عمرتي؟ "، ولمسلم عن عطاء:"وما كنت صانعًا في حجك فاصنع في عمرتك"، وهو دال على أنه كان يعرف أعمال الحج قبل ذلك، قال ابن العربي: كأنهم كانوا في الجاهلية يخلعون الثياب ويجتنبون الطيب في الإِحرام إذا حجُّوا، وكانوا يتساهلون في ذلك في العمرة، فأخبره النبي -صلى الله عليه وسلم- أن مجراهما واحد، وقال ابن المنير: قوله: "واصنع" معناه اترك لأن المراد بيان ما يجتنبه المحرم، فيؤخذ منه فائدة حسنة وهي أن الترك فعل، قال: وأما قول ابن بطال: أراد الأدعية وغيرها مما يشترك فيه الحج والعمرة ففيه نظر لأن التروك مشتركة بخلاف الأعمال، فإن في الحج أعمالًا زائدة على العمرة كالوقوف بعرفة، وما بعده، وقال النووي كما قال ابن بطال، وزاد: ويستثنى من الأعمال ما يختص به الحج، وقال الباجي: المأمور به غير نزع الثوب، وغسل الخلوق، لأنه صرح له بهما، فلم يبق إلا الفدية، كذا قال، ولا وجه لهذا الحصر، بل الذي تبين من طريق أخرى أن المأمور به الغسل والنزع، وذلك أن عند مسلم والنسائي عن عمرو بن دينار، عن عطاء في هذا الحديث، فقال:"ما كنت صانعًا في حجك؟ "، قال: أنزع عني هذه الثياب، وأغسل عني هذا الخلوق. فقال:"ما كنت صانعًا في حجك، فاصنعه في عمرتك".
وقوله:"فقلت لعطاء" القائل هو ابن جريج، وهو قال على أنه فهم من السياق أن قوله:"ثلاث مرات" من لفظ النبي -صلى الله عليه وسلم- وذلك هو الظاهر أو المتعين، ويحتمل أن يكون من كلام الصحابي وأنه عليه الصلاة والسلام أعاد لفظة: اغسله مرة ثم مرة، على عادته أنه كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثًا، لتفهم عنه، قال الإسماعيلي: ليس في حديث الباب أن الخلوق كان على الثوب كما في الترجمة، وإنما فيه أن الرجل كان متضمخًا.
وقوله:"اغسل الطيب الذي بك" يوضح أن الطيب لم يكن في ثوبه، وإنما كان على بدنه، ولو كان على الجبة لكان في نزعها كفاية من جهة الإِحرام، والجواب أن البخاري على عادته يشير إلى ما وقع في بعض طرق الحديث الذي يورده، وسيأتي في محرمات الإِحرام من وجه آخر بلفظ:"عليه قميص فيه أثر صفرة"، والخلوق عادة إنما يكون في الثوب، ورواه