وقال عِياض: طريق الجمع أن الحديث فَسّر ما أُجْمل في الآية، فذكر نحوًا من كلام ابن بَطّال الأخير، وأن من رحمة الله توفيقه للعمل وهدايته للطاعة، وكل ذلك لم يستحقه العامل بعمله، وإنما هو بفضل الله ورحمته.
وقال ابن الجَوْزيَ. يتحصل عن ذلك أربعة أجوبة: الأول أن التوفيق للعمل عن رحمة الله، ولولا رحمة الله السابقة ما حصل الإِيمان ولا الطاعة التي يحصُلُ بها النجاة، الثاني: أن منافع العبد لسيده، فعمله مستحق لمولاه، فمهما أنعم عليه من الجزاء فهو من فضله. الثالث: جاء في بعض الأحاديث أن نفس دخول الجنة برحمة الله، واقتسام الدرجات بالأعمال. الرابع: أن أعمال الطاعات كانت في زمن يسير، والثواب لا يَنْفَد، فالإِنعام الذي لا يَنْفد في جزاء ما يَنْفَد بالفضل لا بمقابلة الأعمال.
وجزم ابن هشام في "المغني" بأن الباء ترد للمقابلة، وهي الداخلة على الأعواض، كاشتريته بألف، ومنه ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون، وإنما لم تقدر هنا للسببية كما قالت المعتزلة، وكما قال الجميع في "لَن يدخل أحدُكُم الجنة بعملِه" لأن المُعطى بعوضٍ قد يُعطى مجانًا، بخلاف المسبب، فلا يوجد بدون السبب، قال: وعلى ذلك ينتفي التعارض بين الآية والحديث.
وجزم النّووي بأن ظاهر الآية أن دخول الجنة بسبب الأعمال، والجمع بينها وبين الحديث بأن التوفيق للأعمال والهداية للإِخلاص فيها وقبولها إنما هو برحمة الله وفضله، فيصح أنه لم يدخل بمجرد العمل، وهو مراد الحديث، ويصح أنه دخل بسبب العمل وهو من رحمة الله تعالى، ورد الكِرماني الأخير بأنه خلاف صريح الحديث.
قال المازَرِيّ: ذهب أهل السنة إلى أن إثابة الله تعالى مَنْ أطاعه بفضل منه، وكذلك انتقامه ممن عصاه بعدلٍ منه، ولا يثبُتُ واحد منهما إلا بالسمع، وله سبحانه وتعالى أن يُعَذِّب الطائع ويُنَعِّم العاصي، ولكنه