وأجمعوا على أنه قُتِل مع علي رضي الله عنه بصفين، وهذا من إخباره بالغيب وأعلام نبوته - صلى الله عليه وسلم -.
وقال أبو عبد الرحمن السُّلَميّ: رأيت عمار بن ياسر يومًا لا يأخُذُ في ناحية ولا واد من أودية صفين إلا رأيت أصحاب محمَّد - صلى الله عليه وسلم - يَتَّبِعونه كأنه علمٌ لهم، وسمعت عمارًا يومئذٍ يقول لهاشم بن عُتبة: يا هاشم تقدّم، الجنة تحت الأبارِقة، اليوم ألقى الأحبة، محمدًا وحِزْبه، والله لو هزمونا حتى بَلَغوا بنا سَعَفات هَجَرٍ لعلِمنا أنّا على الحق وهم على الباطل، ثم قال:
نَحْنُ ضَربناكُم على تنزيلِهِ ... فاليَوْم نضرِبُكُم على تأويلهِ
ضربًا يُزيل الهامَ عن مَقيلِهِ ... ويُذهل الخليل عن خَليلهِ
أو يَرجِعَ الحقُّ إلى سَبيلهِ
قال: فلم أر أصحاب محمَّد - صلى الله عليه وسلم - قُتلوا في موطن ما قُتلوا يومئذٍ.
وقال عبد الله بن سَلَمة: لَكَأني انظر إلى عمار يوم صِفين، واستسْقى، فأُتي بشربة من لبن، فشرب، وقال: اليوم ألقى الأحبة، إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عَهِد إليّ أن آخر شربة تَشْربها من الدنيا شَربة لبن، ثم استسقى، فأتته امرأة طويلة اليدين بإناء فيه صَبوحٌ من لبن، فقال عمار حين شربه: الحمد لله، الجنة تحت الأسنة. ثم قال: والله لو هزمونا ... إلى آخر ما مر. ثم قاتل حتى قتل.
وروى الأعمش عن الأحْنف بن قيس في خبر صِفين، قال: ثم حَمَل عمار، فحمل عليه ابن جُزء السَّكْسَكيّ، وأبو العادِية الفَزَاريّ، فأما أبو العادية فطعنه، وأما ابن جُزء فاجتزَّ رأسه اهـ.
وإنما قال عمر فيما مر عن عمار وابن مسعود: إنهما من النُّجباء من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لحديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنه لم يَكُن نبيٌّ إلا أُعطي سبعة نُجباء وزراء