ما لها لاقطة، ولو وجد خرجت عن فرض المسئلة؛ لأنها تكون حينئذ مشتهاة في الجملة، وليس الكلام فيها وإنما الكلام فيمن لا تشتهى أصلًا، ورأسًا، ولا يسلم أن من بهذه المثابة مظنة الطمع، والميل إليها بوجه، قال في المجموع: والخنثى المشكل يشترط في حقه من المحرم ما يشترط في المرأة، ولم يشترطوا في الزوج والمحرم كونهما ثقتين وهو في الزوج واضح، وأما في المحرم فسببه أن الوازع الطبيعي أقوى من الشرعي، واستثنى أحمد ممن حرمت على التأبيد مسلمة لها أب كتابي فقال: لا يكون محرمًا لها لأنه لا يؤمن أن يفتنها عن دينها إذا خلا بها، وقد مرَّ قريبًا أنهم اختلفوا هل المحرم شرط في وجوب الحج عليها أو شرط في التمكن؟ إلى آخر ما مرَّ، والذين ذهبوا إلى الأول استدلوا بهذا الحديث؛ فإن سفرها للحج من جملة الأسفار الداخلة تحت الحديث، فتمتنع إلا مع المحرم، والذين قالوا بالثاني جوزوا سفرها مع رفقة مأمونة إلى الحج، كما مرَّ مستوفىً في أبواب السفر، وهو مذهب الشافعية والمالكية، والأول مذهب الحنفية والحنابلة، قال ابن دقيق العيد: هذه المسئلة تتعلق بالعامين إذا تعارضا؛ فإن قوله تعالى:{وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} عامٌّ في الرجال والنساء، فمقتضاه أن الاستطاعة على السفر إذا وجدت وجب الحج على الجميع.
وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تسافر المرأة إلا مع محرم" عامٌّ في كل سفر، فيدخل فيه الحج فمن أخرجه عنه خص الحديث بعموم الآية، ومن أدخله فيه خص الآية بعموم الحديث، فيحتاج إلى الترجيح من خارج، وقد رجح المذهب الثاني بعموم قوله عليه الصلاة والسلام:"لا تمنعوا إماء الله مساجد الله" وليس ذلك بجيد، لكونه عامًا في المساجد، فيخرج عنه المسجد الذي يحتاج إلى السفر بحديث النهي، ومن المستظرف أن المشهور من مذهب من لم يشترط المحرم أن الحج على التراخي، ومن مذهب من يشترطه أن الحج على الفور، وكان المناسب لهذا قول هذا وبالعكس، قلت: مشهور مذهب مالك أن الحج على الفور وهو لا يشترط المحرم.
وقوله:"إلا مع ذي محرم" أي: فيحمل ولم يصرح بالزوج، وقد جاء في حديث أبي سعيد في هذا الباب بلفظ:"ليس معها زوجها أو ذو محرم منها" وقد مرَّ ضابط المحرم عند العلماء في باب كم تقصر الصلاة، ومن قال: إن عبد المرأة محرم لها وصرح المرعشي وابن أبي الصيف بأن عبدها الأمين كالمحرم، يحتاج إلى أن يزيد في الضابط ما يدخله، وقد روى سعيد بن منصور عن ابن عمر مرفوعًا:"سفر المرأة مع عبدها ضيعة"، لكن في إسناده ضعف وقد احتج به أحمد وغيره، وينبغي لمن أجاز ذلك أن يقيده بما إذا كانا في قافلة، بخلاف ما إذا كانا وحدهما، فلا، لهذا الحديث، وفي آخر حديث ابن عباس ما يشعر بأن الزوج يدخل في مسمى المحرم، فإنه لما استثنى المحرم فقال القائل: ان امرأتي حاجّة، فكأنه