يا رسول الله فما تأمرني إن أدركت ذلك؟ قال:"كُفَّ يدك ولسانك وادخل دارك" قلت يا رسول الله: أرأيت إن دخل رجلٌ على داري؟ قال:"فأدخل بيتك" قال: قلت: أرأيت إن دخل علي بيتي؟ قال:"فادخل مسجدك" وقَبَض بيمينه على الكوع "وقل ربيَّ الله حتى تموت على ذلك".
وعند الطبراني من حديث جُنْدُب:"ادخُلوا بيوتكم، وأخملُوا ذكركم. قال: أرأيت إن دُخل على أحدنا بيته؟ قال: "ليمسكْ بيده، وليكن عبد الله المقتول لا القاتل".
ولأحمد وأبي يَعْلى من حديث خَرَشَة بن الحرُّ: "فمن أتت عليه فليمْشِ بسيفه إلى صفاةٍ، فلْيضربه بها حتى ينكسر، ثم ليضطجعْ لها حتى تَنْجلي" وفي حديث أبي بَكرة عند مسلم، قال رجل: يا رسول الله، أرأيت إن أُكرهت حتى ينطلق بي إلى أحد الصفين، فجاء سهمٌ، أو ضربني رجل بسيفه؟ قال: "يبوءُ بإثمه وإثمك .. الحديث".
وذهب جمهور الصحابة والتابعين إلى وجوب نصر الحق وقتال الباغين وحمل هؤلاء الأحاديث الواردة في ذلك على من ضَعُف عن القتال أو قَصُرَ نَظره عن مَعْرفة صاحب الحق.
واتفق أهل السنة على وجوب منع الطعن على أحد من الصحابة بسبب ما وقع لهم من ذلك. ولو عُرف المُحقّ منهم، لأنهم لم يقاتلوا في تلك الحروب إلا عن اجتهاد، وقد عفا الله عن المخطىء في الاجتهاد، بل ثبت أنّه يُؤجر أجرًا واحدًا، وأنَّ المصيب يؤجر أجرين، كما أخرجه البخاري في كتاب الأحكام.
وحَمَلَ هؤلاء الأحاديث على من قاتل بغير تأويل سائغ، بل بِمُجرد طلب المُلْك. ولا يُرَدُّ على ذلك منعُ أبي بَكرة الأحْنَف من القتال مع عليّ، لأن ذلك كان عن اجتهاد منه أدّاهُ إلى الامتناع والمنع، احتياطًا لنفسه ولمن نصحه. وقد رجع الأحنف عن رأي أبي بَكرَة، وشهد مع عليّ باقي حروبه.