ومن كلامه: جَنّبوا مجلسنا ذكر الطّعام والنّساء فإني لأُبْغض الرجل يكون وصّافا لفرجه وبطنه، وإن من المروءة أن يترك الرجل الطعام وهو يشتهيه.
ومن كلامه: ما دخلتُ بين اثنين قَطُّ حتى يُدخلاني بينهما، ولا أتيت باب أحد من الملوك إلا أن يكون داعيا لي، وما حَلَلتُ حَبْوتي إلى ما يقوم الناس إليه. ومن كلامه: ما خان شريف، ولا كذب عاقل، ولا اغتاب مؤمن، وقال: ما ادَخَرَت الآباء للأبناء ولا أبقت الموتي للأحياء أفضل من اصطناع المعروف عند ذوي الأحساب والآداب.
وقال: كثرة الضحك تُذْهب الهَيْبة، وكثرة المِزاح تُذْهب المروءة، ومن لَزِم شيئًا عُرف به. وسمع رجلًا يقول: لا أبالي أمدِحْتُ أم ذُمِمت. فقال له: لقد استرحت من حيث تعب الكرام.
ومن كلامه: ألا أدلكم على المَحْمَدَة بلا مرْزية؟ الخُلُق السّجِيع، والكف عن القبيح. ألا أُخبركم بأدواء الأدواء؟ الخُلُق الدنيء واللسان البذيء.
وروي أن معاوية - رضي الله عنه -، لما نَصَّب ولده يزيد لولاية العهد، أقعده في قبة حمراء فجعل الناس يسلّمون على معاوية، ثم يميلون إلى يزيد، حتى جاء رجل ففعل ذلك ثم رجع إلى معاوية. فقال: يا أمير المؤمنين، اعلم أنك إن لم تُوَلّ هذا لأمور المؤمنين أضعتها، والأحنف ابن قيس جالس، فقال له معاوية: ما بالك لا تقول يا أبا بحْر؟ فقال: أخاف الله إن كذبتُ، وأخافكم إن صدقت، فقال له معاوية: جزاك عن الطاعة خيرًا، وأمر له بألوف. فلما خرج لقيه ذلك الرجل بالباب، وقال: يا أبا بحر، إني لأعلم أن شَرّ من خلق الله تعالى هذا وابنه، ولكنهم قد استوثقوا من هذه الأموال بالأبواب والأقفال، فلا يُطمع في استخراجها إلا بما سمعت، فقال له الأحْنف: أمْسك عليك، فإن ذا الوجهين خليقٌ أن لا يكون عند الله وجيها.