الحِمْيَرِي، فذكر اجتماعهما بعبد الله بن عمر، وأنه سأله عن ذلك، فأخبره بأنه بريء ممن يقول ذلك، وأن الله لا يقبل ممن لم يؤمن بالقدر عملًا.
وقد حكى المصنفون في المقالات عن طوائف من القدرية إنكار كون البارىء عالمًا بشيء من أعمال العباد قبل وقوعها منهم، وإنما يعلمها بعد كونها، قال القرطبي وغيره: قد انقرض هذا المذهب، ولا نعرف أحدًا يُنسب إليه من المتأخرين، قال: والقدرية اليوم مطبقون على أن الله عالم بأفعال العباد قبل وقوعها، وإنما خالفوا السلف في زعمهم بأن أفعال العباد مقدورة لهم وواقعة منهم على جهة الاستقلال، وهو مع كونه مذهبًا باطلًا أخف من المذهب الأول، وأما المتأخرون منهم فأنكروا تعلق الإرادة بأفعال العباد فرارًا من تعلق القديم بالمحدث، وهم مخصومون بما قال الشافعي: إن سَلَّمَ القدريُّ العلمَ خُصِمَ. يعني: يقال له: أيجوز أن يقع في الوجود خلاف ما تضمنه العلم؟ فإن منع وافق قول أهل السنة، وإن أجاز لزمه نسبة الجهل لله تعالى، تعالى الله عن ذلك اهـ.
وظاهر السياق يقتضي أن الإيمان لا يطلق إلا على من صدق بجميع ما ذكر، وقد اكتفى الفقهاء بإطلاق الإيمان على من آمن بالله ورسوله، ولا اختلاف، لأن الإيمان برسول الله المراد به الإيمان بوجوده وبما جاء به عن ربه، فيدخل جميع ما ذكر تحت ذلك، وقد مر هذا في أول كتاب الإيمان.
وقوله:"أن تعبدَ اللهَ" العبادة: طاعة الله تعالى، مع تذلل وخضوع.
قال النووي: يحتمل أن يكون المراد بالعبادة معرفة الله، فيكون عطف الصلاة وغيرها عليها لإدخالها في الإِسلام، ويحتمل أن يكون المراد بالعبادة الطاعة مطلقًا، فيدخل فيه جميع الوظائف، وعلى هذا يكون عطف الصلاة وغيرها من عطف الخاص على العام.
قال في "الفتح": أما الاحتمال الأول فبعيد، لأن المعرفة من متعلقات الإيمان، وأما الإِسلام فهو أعمال قولية وبدنية، وقد عبر في حديث عمر