بل دعوى أنهم كانوا لا سبيل لهم إلى الحج ممنوعة، لأن الحج يقع في الأشهر الحرم، وقد ذكروا أنهم كانوا يأمنون فيها.
ووقع في كتاب الصيام من "السنن الكبرى" للبيهقي من طريق أبي قلابة الرَّقاشىِ، عن أبي زيد الهَرَوي، عن قُرّة في هذا الحديث زيادة ذكر الحج، ولفظه:"وتحجوا البيت الحرام" وهذه رواية شاذة، وقد أخرجه الشيخان، ومن استخرج عليهما، والنسائي، وابن خُزَيْمة، وابن حبّان من طريق قُرة، لم يذكر أحد منهم الحج، وأبو قِلابة تغير حفظه في آخر عمره، فلعل هذا مما حدث به في التغير، وعلى تقدير أن يكون ذكر الحج فيه محفوظًا، فالجواب عنه أن يقال: المراد بالأربع ما عدا الشهادتين وأداء الخمس، واعلم أن عدم ذكر الحج إنما هو بالنسبة لرواية أبي جمرة، وإلا فقد ورد ذكره في "مسند" الإِمام من رواية أبان العطار، عن سعيد ابن المُسَيِّب، وعن عكرمة عن ابن عباس في قصة وقد عبد القيس.
وقوله:"ونهاهم عن أربع عن الحنتم ... الخ" إن كان المراد بقوله أولًا: وسألوه عن الأشربة، أي: عن ظروفها، فالجواب مطابق للسؤال، وإن كان المراد عن الأشربة نفسها، فالجواب هنا من إطلاق المحل وإرادة الحال، أي: ما في الحَنْتَم ليوافق السؤال، وصرح بالمراد في رواية النسائي، فقال:"وأنهاكم عن أربع: ما ينتبذ في الحنتم ... الحديث".
والحَنْتَم: -بفتح المهملة، وسكون النون، وفتح المثناه الفوقية- هي الجرة مطلقًا، وتجمع على جرار، ككلبة وكلاب، أو الحنتم: الجرار الخضراء، أو هي جرار كانت تعمل من طين وشعر ودم، أو الحنتم ما طلبي من الفخار بالحنتم المعمول بالزجاج وغيره.
وقوله: وعن الدُّبَّاء -هو بضم المهملة، وتشديد الموحدة، وبالمد- اليقطين، كان أهل الطائف يأخذون القرع، فيخرطون فيه العنب، ثم يدفنونه حتى يهدر، ثم يموت.