للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لحناً دينياً (أوراتوريو)، ولكنها تتعرض في تعريض نفسها لنظرات العابثين في فوكسهول. فإذا عاد بوث إليها بعد إحدى مغامراته الطائشة وجدها "تؤدي عمل الطاهي باللذة التي تستشعرها سيدة راقية في ارتداء ثيابها استعداداً لحفلة رقص (١٠٠) ". وتتلقى رسالة من الآنسة ماثيوز اللئيمة تش فيها بخيانة بوث لزوجته في السجن، فتمزق الرسالة وتكتم خبرها عن زوجها، وتظل تحبه رغم كل سكره وقماره وديونه وسجنه، وتبيع حليها الضئيلة الثمن، ثم ملابسها، لتطعمها وتطعم أطفالها. ولا تفت في عضدها أخطاؤه بقدر ما تفت فيه قسوة الرجال والأنظمة التي توقعه في شباكها. فلقد كان فيلدنج، شأنه في ذلك شأن روسو وهلفتيوس، يرى أن أكثر الناس طيبون بفطرتهم، وإن ما يفسدهم هو البيئات الشريرة والقوانين السيئة. وعند ثاكري أن أميليا "أكثر الشخصيات فتنة في القصص الإنجليزي (١٠١) ". ولكن ربما لم تكن سوى حلم زوج. وفي النهاية تصبح أميليا بطبيعة الحال وارثة، وتعتزل هي وبوث في ضيعتها، ويستقيم حال بوث.

أما خاتمة الرواية فلا تكاد تبررها مقدماتها؛ فبوث يبقى بوث على الدوام. ولقد حاول فيلدنج أن يربط كل عقد حبكته في وحدة سعيدة، ولكن خفة يده هنا مكشوفة جداً، فلقد أدرك التعب هذا الروائي الفحل، وأثار تقززه جو اللصوص والقتلة الذي أحاط به. كتب بعد أن فزع من اميليا يقول "لن أزعج العالم بعد اليوم بمزيد من أطفالي الذين تلدهم لي ربة الأدب ذاتها". وفي يناير ١٧٥٢ بدأ "مجلة كوفنت جاردن"، وكتب بعض المقالات القوية، ورد على نقد سمولت، وصوب طلقه إلى روايته "رودريك راندوم"، وفي نوفمبر ترك المجلة تموت. وكان شتاء ١٧٥٣ - ٥٤ أقسى من أن يحتمله بدنه الذي هده العمل والاستسقاء والصفراء والربو. وجرب ماء القار الذي نصبح به الأسقف باركلي، ولكن الاستسفاء استفحل، وأشار عليه طبيبة بالسفر إلى بلد أدفأ. ففي يونيو ١٧٥٤ استقل سفينة تدعى "ملكة البرتغال" مع زوجته وابنته. وفي الطريق كتب "يوميات رحلة إلى لشبونة"، وهي من ألطف ما كتب. ومات في لشبونة في ٨ أكتوبر ١٧٥٤، ودفن هناك في الجبانة الإنجليزية.