وألف باخ للأرغن أو موترة المفاتيح اثنتي عشرة توكاتات tocattas أي قطعاً تستطيع أن تمرن "لمس" العازف. وكانت تحتوي على ضربات سريعة على لوحة المفاتيح ونغمات عالية جريئة، وأخرى خافتة رقيقة، وفوجه من النغمات يدوس بعضها أعقاب بعض في دعابة وعبث. وقد ظفرت التوكاتا والفوجه في مقام D الصغير، في هذه المجموعة، بأكبر عدد من المستمعين، وبعض، الفضل في هذا راجع لألحان أوكسترالية مكيفة كانت أنسب من الأرغن للأذن العصرية غير الكنسية. ومن بين التوكاتات السبع الموضوعة لموترة المفاتيح أو البيان القيثاري، يتبدى باخ هنا أيضاً في التوكاتا بمقام C الصغير وقد ملك ناحية صنعته في ثقة كاملة - فهي فرحة من مزج الألحان تعقبها حركة بطيئة كلها عذوبة صافية مهيبة.
وليس من السهل نحن الذين حرمنا الأنامل الماهرة والآذان المرهفة أن نقدر اللذة التي استشعرها ياخ ومنحها سامعيه في مؤلفاته التي وضعها لموترة المفاتيح- التي كانت بالنسبة له تعنى البيان القيثاري عادة. فعلينا أولا أن نفهم مبادئ البناء التي اتبعها في تطوير بضع نغمات فكرة رئيسية إلى بناء مفصل معقد ولكنه منظم - أشبه بقطعة فنية من الطراز العربي في سجادة فارسية أو محراب جامع، تسرح بعيداً عن قاعدتها وكأنها تحررت من كل القيود، ولكنها تفعل دائماً في منطق يضيف الإشباع العقلي إلى لذة الشكل الحسية. ثم علينا أن نستعير سحر يدي باخ، لأنه ابتكر في العزف فناً يتطلب الاستخدام الكامل لأصابع اليدين كلها (بما فيها الإبهام)، في حين قل أن تطلب من سبقوه أكثر من الأصابع الثلاث الوسطى في مؤلفاتهم لموترة المفاتيح. ولقد أحدث ثورة حتى في وضع اليد. فقد نحا العازفون قبله إلى الاحتفاظ بيدهم مبسوطة أثناء ضربهم المفاتيح، ولكن باخ علم تلاميذه أن يحنوا اليد حتى تضرب جميع الأنامل المفاتيح في نفس المستوى. وبغير هذه الطريقة كان يستحيل ظهور عازف مثل ليست.
وأخيراً، حين اقتبس باخ نظاماً اقترحه أندرياس فركمايستر في ١٦٩١، طالب بضبط الأوتار في الآلات ضبطاً متوسطاً متكافاً، بحيث يقسم