للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ترتب له الزيجات، ولكنه رفض عرائسها، وفي أول يونيو ١٧٧٥ تزوج الآنسة دكورسيل، وكانت فتاة غنية في السابع عشرة. وكتبت له جولي خطابات مفعمة بالحقد والاحتقار، مختتمة بتوكيدات الحب الذي لا يموت (١٢٨).

وقد استطاعت طوال حمى غرامها كلها أن تخفي طبيعتها عن دالامبير، الذي خيل إليه أن سببها هو غياب مورا ثم موته. فرحب بجيبير في صالونها، وكون صداقة مخلصة معه، وكان يرسل بشخصه الرسائل المختومة التي تكتبها لعشيقها. ولكن لحظ أنها فقدت اهتمامها به، وأنها كانت أحياناً تستاء من وجوده. والواقع أنها كتبت لجيبير "لولا أنه يبدو عقوقاً بالغاً مني لقلت أن رحيل دالامبير يعطيني نوعاً من السرور. إن حضوره يثقل روحي. وهو يجعلني قلقة مضطربة النفس، فأنا أشعر أنني غير مستحقة أبداً لصداقته وطيبة قلبه .. " (١٢٩) فلما ماتت كتب إلى "روحها" يقول:

"ليت شعري لأي سبب لا أستطيع أن أفهمه ولا أن أحزره، تغير فجأة ذلك الشعور الذي كان من قبل غاية في الرقة نحوي … إلى شعور الغربة والنفور؟ ما لذي صنعت مما يسيء إليكِ؟ لمَ لم تشكِ إليّ إن كان لكِ مبرر للشكوى؟ … أم أنكِ أيتها العزيزة جولي … قد أسأت إليّ إساءة أجهلها، وكان يحلو لي كثيراً أن اغتفرها لو علمت بها … لقد كنت عشرين مرة على وشك أن ألقي بنفسي بين ذراعيكِ، وأن أطلب إليكِ أن تخبريني ما جريرتي، ولكني خشيت أن تصدني هاتان الذراعان … "

"وظللت تسعة أشهر أترقب اللحظة التي أخبركِ فيها بما عانيت وما أحسست، ولكني وجدتكِ خلال تلك الشهور أضعف من أن تحتملي العتب الرقيق الذي كان عليّ أن أكاشفك به، واللحظة الوحيدة التي كان يمكنني فيها أن أكشف لك في غير خفاء عن قلبي المحزون الواهم هي تلك اللحظة الرهيبة، قبل موتك بساعات، حين سألتني الصفح عنكِ بطريقة مزقت نياط قلبي … ولكن عندها لم يعد فيكِ قوة لا للتحدث ولا لاستماع إليّ … وهكذا فقدتِ إلى الأبد لحظة العمر التي كانت ستكون لي أغلى اللحظات-اللحظة التي أخبرك فيها، مرة أخرى، كم أنتِ عزيزة عليّ، وكم شاطرتكِ بحبكِ، وما أعمق