ومثل كثيرين من المؤلفين الذين لا يستطيعون أن يسوسوا حياتهم، عمد إلى كتابة حكايته من وجهة نظره في رواية أخفى فيها الشخوص الحقيقية والوقائع الحقيقية بعناية، لكنها كانت اعترافات صريحة. لقد كتب في خمسة عشر يوماً (يناير ١٨٠٧) وهو ممتعض بحرارة من سيطرة جيرمين وتوبيخها له، غاضب من نفسه لتردده وضعف إرادته - مائة صفحة أصبحت هي أول رواية نفسية (سيكولوجية) في القرن التاسع عشر. لقد كانت أكثر سَبْراً لأغوار النفس البشرية وكانت طريقة تناوله أكثر ذكاء وألمعية من معظم الروايات. لقد حلَّل شخصية الرجل والمرأة بطريقة لا ترحم.
لقد تابعت هذه الرواية التي جعل عنوانها (أدولف) شبابه الضائع (الذي لا هدف له) وتعليمه المتقطع غير المنتظم وغير المنهجي، وعلاقاته العاطفية السطحية والمتسرِّعة، وشغفه بالقراءة الذي جعل إيمانه يُشاب بالسخرية (الكلبيّة Cynicism) مما أثر في حياته فجعلها بلا معنى. وقد حكي تطوافه في مجال العشق غير المسئول ووصل بأحداثه إلى ذروة المأساة في حكاية قصة إلينور Ellenore - وهي قصة امرأة من النبلاء ضحّت بأسرتها وشرفها ومستقبلها لتكون خليلة للكونت ب … ولاحظ أدولف (بطل القصّة) أن المجتمع يعاقب المرأة التي تخرج عن القواعد المرعية بالقيل والقال والازدراء (أكثر بكثير مما يفعل مع الرجل)، ذلك لأن المجتمع يقيم نظامه واستقراره على القوانين والأعراف التي تكبح الرغبات التي لا تتمشى مع صالح المجتمع.
وكان سهلاً أن يتحوّل عطفه على إليّنور (إحدى شخصيات القصة) المنبوذة، وإعجابه بشجاعتها إلى حب، وربما لرغبة سرّية (مكبوته) في انتزاع حب امرأة ترضى غروره. وبمجرد أن بَرُدت حرارة حبه استسلمت له وتركت الكونت وأمواله واتخذت له مسكناً متواضعاً وحاولت أن تعيش على زيارات أدولف وأمواله، وكلما زاد إخلاصها قل اهتمامه بها. لقد حاول أن يبتعد عنها لكنها وبَّخته وأخيراً تشاجرا وانفصلا. لقد تركته وتاهت في غياهب الفقر وفقدان الإرادة فلم تستطع العيش، ولم يلحق بها إلاّ لتموت بين ذراعيه.
وعمد كونستات إلى التعمية على شخصياته في الرواية حتى لا يُدرك أحد أنه يقصد شخصيات مقيمة في كوبت، فجعل بطلة القصة بولندية، وجعلها خاضعة سَلِسلة غير