للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القرن الثامن بفضل هاتين المدرستين وغيرهما من المدارس حاملة لواء التعليم في أوربا الواقعة شمال جبال الألب.

ويتجلى إخلاص معلمي الأديرة وظرفهم في شخصية بيد الموقرة The Venerable Bede أعظم علماء زمانه (٦٧٣ - ٧٣٥) وقد لخص هو سيرته تلخيصاً متواضعاً فقال:

بيد خادم المسيح، قس دير الرسولين المباركين، بطرس وبولس، القائم في ويرزموث وجرو. وإذ كنت قد ولدت في إقليم ذلك الدير فقد أدخلني أهلي فيه وأنا في السبعة من عمري لأربى على يدي رئيسه المبجل بندكت بسكوب، ولقد قضيت حياتي كلها بعد ذلك الوقت في هذا الدير، وبذلت كل ما أستطيع من جهد لدراسة الكتاب المقدس، والمحافظة على السنين المتبعة وترتيل الأناشيد اليومية في الكنيسة، وكنت أستمتع على الدوام بتلقي العلم أو بالتدريس أو بالكتابة … حتى عينت شماساً في التاسعة عشرة من عمري، ثم أصبحت قساً في سن الثلاثين … وبقيت من هذه السن إلى التاسعة والخمسين عاكفاً على دراسة الكتاب المقدس والأعمال الآتية … (١٧).

وكلها باللغة اللاتينية، وتشمل تعليقات على الكتاب المقدس، ومواعظ، وثبتاً بالحوادث العالمية وتواريخها، ورسائل في النحو، والرياضيات، والعلوم، والدين، وأهم من هذا كله كتابه في التاريخ الكنسي للأمة الإنجليزية (٧٣١). ويختلف هذا الكتاب الأخير عن معظم تواريخ الأديرة في أنه ليس سجلاً، حافلاً للحوادث؛ وربما كان في الجزء الأخير منه مثقلاً فوق ما يجب بأخبار المعجزات. وأن صاحبه على الدوام سريع التصديق لما لا يصح تصديقه، مدفوعاً إلى هذا بسذاجته البريئة الطاهرة، شأن العقل الحبيس من سن السابعة؛ ولكنه رغم هذا كله قصة واضحة خلاّبة، تسمو في أجزاء متفرقة منها إلى البلاغة