لك لأن لديك الكثير منهم (١٤٤)». وفي كل صباح يتمشى على تلة، ثم يرسم سحابة نهاره، معتمداً على الجهد لا على الوحي. قال في فترة لاحقة من حياته رداً على سائل سأله عن السر في امتلاكه ناصية الفن «لم أهمل شيئاً (١٤٥)».
وإذا أخذنا في الاعتبار طرقه الكثيرة الجهد، التي لم يستعن فيها بأحد، وجدنا إنتاجه ضخماً. فلا بد أنه رسم أربعمائة صورة، لأننا نعرف أن بعضها فقد، وبقي منها ٣٤٢، أضف إلى هذا الفاً وثلاثمائة رسم تعتز قلعة وندرز بمائة منها لما به من دقة ونقاء في الخطوط. ولم يتفوق في تنويع صوره. وكثيراً ما تكون صوره العارية تماثيل عديمة الحياة، ولو كان فيها شهوانية أكثر لأسغناها. لقد كان نحاتاً يستعمل فرشاة، ينحو إلى النظر للنساء على أنهن أشكال تصلح للنحت - ولو أنه أحياناً كان يرى فيهن الأصول الإلهية للفن. قال «إن الفتيات الجميلات اللائي نراهن في شوارع نيم يبهجن عيوننا ونفوسنا بهجة لا تقل عن أعمدة «الميزون كاريه» البديعة، لأن هذه ليست إلا نسخاً قديمة من تلك (١٤٦)». كذلك لم ينطلق على سجيته في موضوعات الكتاب المقدس. وقد أجاد تصوير بعضها - مثل «الفلسطيني صريعاً عند الابواب» و «عميان أريحا»، وما أجمل النساء، وأجلهن في الوقت نفسه، في «اليعازر ورفقة»! كان تفوقه يتجلى في الأساطير الكلاسيكية، مصورة وسط الخرائب الكلاسيكية ومن خلفها منظر طبيعي ذو هدوء كلاسيكي. ولم يكن يرسم من نماذج حية، بل من خيال أشرب يحب العالم القديم وتوهمه - العالم الذي كان فيه كل الرجال أقوياء وكل النساء جميلات. تأمل ذلك الكمال الذي نراه في الأنثى الوحيدة في لوحته «رعاة أركاديا» التي رسمها بوسان للويس الرابع عشر تلبية لطلب كولبير. ولاحظ في مرورك الكتابة المنقوشة على قبر الراعي:«أنا أيضاً كنت مرة في أركاديا»، أهذا بوسان يحلم بأنه هو أيضاً عاش في اليونان القديمة مع أورفيوس والأرباب؟