[المقدمة]
المفتي
دار الإفتاء المصرية
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم.
المحمود الله جل جلاله، والمصلى عليه هو النبى محمد وآله، والمدعو له بالسداد والرشاد هو الفقه الإسلامي ورجاله.
وبعد فيسعدنى أن أعهد إلى المجلس الاعلى للشئون الإسلامية، بطبع فتاوى أعلام المفتين لدار الافتاء المصرية، وهى ثروة علمية، وتراث فقهى، تعتز به مصر، رائدة العالم الإسلامى، وكعبته العلمية، وراعية الجامع الأزهر، جامع الجامعات، والمنار التى يستضىء بها كل مسلم.
إن أريد إلا الاصلاح ما استطعت وما توفيقى إلا بالله رمضان ١٤٠٠ هجرية يوليو ١٩٨٠ م.
الدكتور زكريا البرى وزيرالأوقات ورئيس المجلس الاعلى للشئون الإسلامية.
بسم الله الرحمن الرحيم.
تقديم.
نحمدك الله ونشكر نعمك التى لا يحصيها العد، ولا ينقصها الرفد، ونسألك قوة اليقين بك، فإنه لا حول ولا طول إلا حولك وطولك، سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا، ومن العلم الذى نرتجيه هبة ومنحة منك الفقه فى دينك وشريعتك، إرتقابا لأن نكون ممن وهبتهم الخير الذى أخبر به الصادق الأمين عبدك ورسولك محمد - صلى الله عليه وسلم - فى قوله (من يرد الله به خيرا يفقهه فى الدين) واستعانة بك لخدمة هذه الشريعة المطهرة التى ارتضيتها لعبادك خاتمة للشرائع إلى يوم الدين، لا نبتغى إلا توفيقك إلى الحق، وعصمتك من الخطأ والزلل، سبحانك إن أصبتُ فمنك وإن أخطأتُ فمن نفسى ومن الشيطان، فاحفظنى بحفظك وألهمنى الصواب فى دينك.
أما بعد فقد عقدت العزم منذ وليت إفتاء الديار المصرية، على نشر الفتاوى التى صدرت عن دار الإفتاء من واقع السجلات التى بمكتبتها، لينتفع بها المسلمون، ففيها فقه وتطبيق وتخريج لواقعات جديدة، وهى فى ذات الوقت منهل حافل ينهل منه الدارسون لعلوم الاجتماع والتاريخ والسياسة والاقتصاد، إذ تحمل الاستفتاءات الرسمية والشعبية صورة لواقع حياة الناس فى مصر، بل وربما فى العالم الإسلامى فى حقبة من الزمن تزيد على الثمانين من السنين منذ ٧ جمادى الآخرة ١٣١٣ هجرية - ٢١ نوفمبر ١٨٩٥م وكنت أرجو أن يتيسر الاطلاع على الفتاوى فيما قبل هذه الفترة، لكن أوراقها دخلت ذمة التاريخ، حيث قبعت فى دار الوثائق القومية، ومن ثم يكون الأحق بها وبنفض التراب عنها وعرضها فقهاء المؤرخين المتخصصين فى عرض تاريخ الإسلام وحضاراته، ولعل الله أن يقيض من العلماء المؤرخين الناقهين من يؤرخ لمفتى مصر وينشر على الناس فقههم، فإن فيه بلا شك إثراء للفقه الإسلامى فى حقب الزمان المتتالية، فوق أن فيه صورة حية لواقع الحياة وأشكالها ومشاكلها، وليس القصد من هذه الدعوة أشخاص المفتين، بقدر ما هو المقصود من إبراز علمهم وأعمالهم ومواقفهم وما فقهوا فيه من جديد الوقائع.
ولقد كان من هؤلاء المفتين من جمعت فتاويهم ونشرت، وهى الآن من المراجع الهامة للقضاة والمفتين والأساتذة القائمين على تدريس فقه الإسلام، ولكن ما نشر ليس بالكثير.
ولما كانت سجلات الفتاوى حاوية للعديد المتنوع، بل والمتكرر فقد كانت (اختيارات) من واقعات المفتين مما تمس الحاجة إلى العلم به، ونشره لما حواه من بحوث فقهية مقارنة، ومن ثم فليس هذا الكتاب بأجزائه التى ستظهر إن شاء الله هو كل ما فى سجلات دار الإفتاء، وإنما ستصدر هذه الاختيارات بعون الله وتوفيقه، ثم تليها مجموعات فى الوقف وفقهه وأحكامه، لأن الوقف نظام اقتصادى عرفه الإسلام، ويكاد أن يختص به ومازال قائما بالنسبة للوقف على جهات البر، ومجموعات فى الجنايات ومجموعات فى أحكام المواريث.
وإنه لفأل طيب أن يبدأ طبع هذه الفتاوى فى شهر رمضان المبارك من عام ١٤٠٠ هجرية وفى عهد الرئيس محمد أنور السادات رئيس جمهورية مصر العربية، مؤسس دولة العلم والإيمان، ومرسى دعائمها وفى الوقت الذى اتجهت فيه الدولة بقيادته، إلى تقنين أحكام الشريعة الإسلامية تمهيدا لتطبيقها فى الحكم والقضاء، مع تلك الكلمة الخالدة التى قالها السيد الرئيس فى مجلس الشعب يوم ٢٩ جمادى الآخرة ١٤٠٠ هجرية - ١٤ مايو ١٩٨٠ م (أنا رئيس مسلم لدولة مسلمة) هذه الكلمة التى مكنت له فى قلوب الشعب وستفتح بإذن الله الطريق إلى العودة إلى الحكم بالشريعة الغراء، وبها يسود الأمن والأمان، ويستقيم السلوك، وإنه لحق أن أذكر وأشكر كل من ساند هذا العمل، فكرة وتنفيذا، وأخص بالذكر السادة المستشار أحمد موسى وزير العدل السابق، والمستشار أنور عبد الفتاح أبو سحلى وزير العدل الحالى، والسيد الدكتور زكريا أحمد البرى وزير الدولة للأوقاف الذى أبدى كل الترحيب وأسند طبع الفتاوى ونشرها إلى المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، فأزاح بهذا عقبة التكاليف المالية التى كادت تعطل التنفيذ، ولا غرو، فهو من أساتذة الشريعة الإسلامية الذين بذلوا جهدا مشكورا فى تجلية مبادئها، وممن يقدرون المكانة العلمية لهذه الفتاوى.
وإنه لحق كذلك أن أشكر الزملاء، القضاة أعضاء المكتب الفنى للمفتى، الذين عملوا فريقا واحدا ساهرين سائرين بجد فى الطريق المرسوم بحذق وكفاءة، لا يبتغون سوى فضل الله وجزائه ومرضاته، والشكر كذلك للباحثين والإداريين، الذين نفذوا ما وكل إليهم بجهد صادق ودأب محمود.
إن الحمد لله أولا وآخرا، والشكر له سبحانه ونسأله الرشاد والسداد، وأن يزودنا بالتقوى خير زاد، والصلاة والسلام على صاحب الشريعة المصطفى وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
القاهرة فى رمضان ١٤٠٠ هجرية - يوليو ١٩٨٠ م.
جاد الحق على جاد الحق.
مفتى جمهورية مصر العربية