ما المقصود بالبرهان فى قوله تعالى عن سيدنا يوسف {ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه} يوسف: ٢٤؟
الجواب
قبل الإجابة لابد أن نعلم أن يوسف لم يهم بها بفاحشة، لأنها عرضت نفسها عليه بالمراودة مع تهيئة لكل الأسباب لنيل غرضها وإغرائه وعمل كل ما يطمئنه على عدم مؤاخذته. فقال "معاذ الله " والهم السيىء بها لم يحصل لأنه رأى برهان ربه، وفى هذا البرهان كلام كثير لا يستند إلى دليل صحيح، والأقرب إلى الفهم أن الله ألهمه أنه لو هم بها ضربا لمنع نفسه منها حيث جذبته بقوه لتنال غرضها بعد أن فشلت المحاولة السلمية لأدى ذلك إلى ارتكاب جناية عاقبتها الدنيوية سيئة. فالبرهان إلهام من الله لإدراك العاقبة.
ويقرب من هذا المعنى ما روى عن على بن أبى طالب رضى الله عنه أن "زليخا" قامت إلى صنم مكلل بالدر والياقوت فى زاوية البيت فسترته بثوب فقال: ما تصنعين؟ قالت: أستحى من إلهى هذا أن يرانى فى هذه الصورة، فقال يوسف: أنا أولى أن أستحى من الله.
يقول القرطبى: وهذا أحسن ما قيل فيه، لأن فيه إقامة الدليل، ثم ذكر القرطبى آراء أخرى فى البرهان، فقيل: رأى فى سقف البيت مكتوبا "ولا تقربوا الزنى" وقيل: ظهرت كف مكتوب عليها "وإنَّ عليكم لحافظين " وقيل: تذكرعهد الله وميثاقه، وقيل: رأى صورة يعقوب على الجدران عاضًّا على إصبعه يتوعده، فسكن وخرجت شهوته من أنامله، وقيل غير ذلك