تزوج رجل بعد وفاة زوجته، وكره أولاده ذلك حتى لا تقاسمهم فى ميراثه، فطلقها فى مرضه الذى مات فيه، فهل ترث منه أو لا؟
الجواب
مرض الموت هو المرض الذى يغلب على الظن موت صاحبه به ويلازمه حتى الموت، وقد يكون ذلك بتقرير الطبيب، أو بشعور المريض بأنه لم يعد يستطيع أن يزاول أعماله الخفيفة خارج البيت كالذهاب إلى المسجد أو إلى الأماكن التى يقضى منها بعض حاجاته.
فإذا طلق الرجل فيه زوجته طلاقا رجعيا ولو كان برضاها ثم مات قبل انقضاء عدتها فإنها ترث منه، كما لو طلقها حال صحته.
أما إذا طلقها طلاقا بائنا يقصد به حرمانها من الميراث، وكان الطلاق بعد الدخول وبغير رضاها وكانت أهلا لأن ترثه لو مات حينئذ، واستمرت على ذلك إلى أن مات قبل انقضاء عدتها منه فإنها ترثه، معاملة له بنقيض مقصوده وتستحق نصيبها فى التركة. مع نفاذ الطلاق واعتباره بائنا على كل حال. لكن إذا ماتت المرأة قبل الرجل فإنه لا يرثها ولو كان موتها قبل انتهاء العدة.
ومن هذا يعلم أن الطلاق البائن فى حال الصحة أو فى حال المرض الذى لا يغلب على الظن الهلاك به لا يكون طلاق فرار فلا ترث منه، وكذلك إذا كان الطلاق قبل الدخول بها لأنها صارت أجنبية من كل الوجوه حيث لا عدة عليها، وثبوت الحق فى الميراث إذا حصل الموت قبل انتهاء العدة، وإذا أبانها فى مرض الموت برضاها فلا ميراث لها.
ولو كانت عند الإبانة غير أهل لاستحقاق الميراث كأن كانت كتابية فلا ترث، وذلك لاختلاف الدين، وكذلك لو مات بعد انقضاء عدتها فلا ترث.
ومذهب الإمام أحمد أن المطلقة للفرار من الإرث ترث من مطلقها حتى لو مات بعد انقضاء عدتها ما لم تتزوج بزوج آخر، ومذهب مالك أنها ترثه حتى بعد زواجها بغيره ولو كان هذا الغير عاشر الأزواج بعده.
هذا، ومثل مرض الموت كل حالة يغلب على الظن فيها الهلاك، مثل المبارزة بالسيوف كالتى كانت تحصل فى القتال قبل اشتباك الجيوس، وانكسار سفينة فى عرض البحر وغرقها وتمسكه بأحد أجزائها، أو كان غرقها متوقعا لشدة العواصف والأمواج، وكذلك الحكم النهائى بالإعدام، والوجود فى بلد فيه وباء أصاب أهل داره والدور المجاورة " انظر كتاب أحكام الأحوال الشخصية ص ٢٨٣ وما بعدها " للشيخ عبد الرحمن تاج، وكتاب " أحكام الأسرة فى الإسلام " للشيخ محمد مصطفى شلبى ص ٥٣٥ وما بعدها