للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حكمة وفاة أبناء الرسول قبله]

المفتي

عطية صقر.

مايو ١٩٩٧

المبادئ

القرآن والسنة

السؤال

هل هناك حكمة فى أن الله سبحانه كتب على أبناء سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الوفاة فى حياته؟

الجواب

يقال إن إبراهيم عليه السلام رزقه الله بعد سِنِّ الشيخوخة بولدين، هما إسماعيل وإسحاق، وجعل النبوة فى أبناء إسحاق، الذى أنجب يعقوب وجعل من ذريته أنبياء بنى إسرائيل، وكانت النبوة موضع الرجاء فى توارث الأبناء لها، ومن ذلك قول الله تعالى {وورث سليمان داود وقال يا أيها الناس عُلِّمنا منطق الطير وأوتينا من كل شىء إن هذا لهو الفضل المبين} النمل:

١٦ وقوله عن زكريا الذى أعطاه الله يحيى بعد أن بلغ من الكبر عتيا {فهب لى من لدنك وليا. يرثنى ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا} مريم:

٥، ٦ فبشره الله {بيحيى مصدقا بكلمة من الله وسيدا وحصورا ونبيا من الصالحين} آل عمران: ٣٩ وشاء الله ألا ينجب يحيى، وكان عيسى عليه السلام آخر الأنبياء من ولد إسحاق، وكانت ولادته خارقة للعادة حيث لم يكن له أب، وقد رفعه الله إليه ولم يتزوج ولم ينجب، وكان هذا التدبير من الله سبحانه تمهيدًا لولادة خاتم الرسل محمد صلى الله عليه وسلم، وبعثه الله للعرب استجابة لدعوة إبراهيم عليه السلام حين أسكن إسماعيل وأمه مكة وعمرت بالعرب وبعث فيهم إسماعيل ولم يبعث فيهم أحدا من ولده حتى كان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

قال تعالى: {وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم. ربنا واجعلنا مسلمَين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم. ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم} البقرة: ١٢٧ -١٢٩.

فبرفع سيدنا عيسى انتهت النبوة من فرع إسحاق، وبرسالة سيدنا محمد انتقلت النبوة إلى فرع إسماعيل عليه السلام.

وشاء الله أن يموت أبناء سيدنا محمد فى حياته وهم صغار حتى لا يفتن بهم بعض المحبين، ويظنوا أن النبوة سيرثها أحد أبنائه كما كانت تورث فى بنى إسرائيل ولذلك أكدت النصوص أن الرسالة ختمت ولا نبى بعده صلى الله عليه وسلم وبهذين الأمرين لم يكن هناك طمع فى نبوة بعده، وظهر خطأ من تنبئوا فى حياته وبعد مماته.

والسيدة فاطمة رضى الله عنها هى التى أنجبت من سيدنا على رضى الله عنه سيدىِّ شباب أهل الجنة: الحسن والحسين، ولم يزعم أحد أنهما ادعيا النبوة أو طمعا فيها وإذا كان صلى الله عليه وسلم أوصى بأهل بيته خيرا فى نصوص سجل بعضها فى القرآن {قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة فى القربى، الشورى: ٢٣ فإن حب الناس لآل البيت وإن تغالى بعضهم فيه لكن لم يقبل أحد أن يكون منهم نبى، إلى جانب أن ميراث النبوة كان عن طريق الأبناء لا البنات.

ولعل فيما ذكرته تظهر الحكمة فى أن أبناء النبى صلى الله عليه وسلم ماتوا صغارا وفى حياته وأما حديث "لو عاش إبراهيم لكان نبيًّا" فهو باطل

<<  <  ج: ص:  >  >>