للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[من أيام الله]

المفتي

عطية صقر.

مايو ١٩٩٧

المبادئ

القرآن والسنة

السؤال

هل هناك تعارض بين الآيتين الكريمتين قال تعالى {ويستعجلونك بالعذاب ولن يخلف الله وعده وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون} الحج: ٤٧ وقال تعالى {تعرج الملائكة والروح إليه فى يوم كان مقداره خمسين ألف سنة} المعارج: ٤؟

الجواب

أما الآية الأولى ففى تفسير اليوم رأيان:

١ - أنه من الأيام التى خلق الله فيها السموات والأرض، كما روى عن ابن عباس ومجاهد.

٢ -أنه من أيام الآخرة، بمعنى أن يوما من الخوف والشدة فى الآخرة أو فى النعيم كألف سنة عن سنى الدنيا.

وأما الآية الثانية ففى تفسير المعارج ثلاثة أقوال:

١ - المعارج هى الرتب الخاصة بعظمة الله وعلوه ومراتب نعمه كما قال ابن عباس وقتادة.

٢ -معارج السماء هى درجاتها أو مصاعدها، لأن الملائكة تعرج إلى السماء كما قال مجاهد.

٣-المعارج هى الغرف التى جعلها الله لأوليائه فى الجنة.

والملائكة تعرج إلى أمكنتها فى السماء، أو إلى عرش الله فى وقت كان مقداره على غيرهم لو صعد خمسين ألف سنة قال وهب: ما بين أسفل الأرض إلى العرش مسيرة خمسين ألف سنة وهو قول مجاهد، وجمع بين هذه الآية وبين قوله تعالى {فى يوم كان مقداره ألف سنة} السجدة: ٥، فقال: قوله فى سورة المعارج هو من منتهى أمره من أسفل الأرض إلى منتهى أمره من فوق السموات خمسون ألف سنة، وقوله فى سورة السجدة، يعنى بذلك نزول الأمر من السماء الدنيا إلى الأرض، ومن الأرض إلى السماء فى يوم واحد، فذلك مقدار ألف سنة، لأن ما بين السماء إلى الأرض مسيرة خمسمائة عام، فالصعود والهبوط يساوى ألف سنة.

وقيل المراد يوم القيامة، أى مقدار الحكم فيه لو تولاه مخلوق خمسون ألف سنة، قال عكرمة. وقيل يوم القيامة جعله الله على الكافرين مقدار خمسين ألف سنة ثم يدخلون النار للاستقرار كما قال ابن عباس.

يقول القرطبى: وهذا القول أحسن ما قيل فى الآية، واستدل بحديث قال فيه النبى صلى الله عليه وسلم عنه "والذي نفسى بيده إنه ليخفف عن المؤمن حتى يكون أخف عليه من صلاة المكتوبة يصليها فى الدنيا" رواه أحمد وأبو يعلى وابن حبان فى صحيحه كما استدل بحديث "ما من رجل لم يؤد زكاة ماله إلا جعل الله شجاعا من نار تكوى به جبهته وظهره وجنباه فى يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقض الله بين الناس " رواه البخارى ومسلم ويؤيده ما قيل -وروى مرفوعا -أن زمن حساب المؤمن ما بين الظهر والعصر ليكون فى الجنة مستقرا وأحسن مقيلا.

وعن ابن عباس: هى أيام سماها الله وهو أعلم بها كيف تكون. وأكره أن أقول فيها ما لا أعلم.

وقيل: المراد بالخمسين التمثيل لبيان طول المدة فى الموقف، كعادة العرب فى وصف أيام الشدة بالطول وأيام الفرح بالقصر.

هذا، وقد جاء فى تعليق اللجنة العلمية بالمنتخب فى تفسير القراَن الكريم الذى أصدره المجلس الأعلى للشئون الإسلامية "ص ٤٩٥ " ما نصه.

يسبق القرآن بهذه الآية الكريمة -كألف سنة - ركب العلم بتقرير أن الزمن نسبى، وأن فكرة الزمن العالمى المطلق الذى كان يسلم به الأقدمون قبل ظهور النسبية هى فكرة خاطئة.

وبعد فهذا بعض ما قيل فى التوفيق بين المدد المختلفة لليوم الذى عند الله، والآراء مختلفة، وما نسب إلى ابن عباس، من أنه يكل علمها إلى الله هو فى رأيى أحسن، لأنه ترف ذهنى وانشغال بما لا طائل تحته في حياتنا الحاضرة وإن كنا نعمل الحساب ليوم القيامة لما فيه من الشدة والهول

<<  <  ج: ص:  >  >>