حدث خصام بينى وبين بعضى أقاربى وذهبت لمصالحتهم فى يوم العيد فتجهموا فى وجهى، فهل أقاطعهم أم أحاول مصالحتهم مرة أخرى؟
الجواب
الخصام بين الناس منهى عنه فوق ثلاث ليال كما صح فى الحديث، وخير المتخاصمين من يبدأ بالصلح، والنهي شديد عن رفض الاعتذار عن الخصام، وجاء فى الحديث "من اعتذر إلى أخيه المسلم فلم يقبل عذره، لم يرد على الحوض " رواه الطبرانى فى الأوسط.
وأشد ما يكون الخصام سوءا إذا كان بين الأقارب لأن فيه معصية أخرى، هى قطيعة الرحم، وقطيعة الرحم من الذنوب الكبيرة، والنصوص فيها كثيرة، ومن أجل هذا ينبغى أن يتحمل المسلم أكثر ما يتحمل إذا كانت المضايقات من أقاربه، ولا ينبغى أن يقابلهم بمثل إساءتهم خصاما وقطيعة، فالحديث فى هذه الحالة يؤكد عدم القطيعة.
ومما ورد فى النص على ذلك ما رواه الطبرانى وابن حبان فى صحيحه عن أبى ذر رضى الله عنه قال: أوصانى خليلى صلى الله عليه وسلم بخصال، وذكر منها: وأوصانى أن أصل رحمى وإن أدبرت. وما رواه البخارى وغيره "ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذى إذا قطعت رحمه وصلها ".
ومن الحوادث التى تشبه ما جاء فى السؤال ما ذكره أبى هريرة رضى الله عنه أن رجلا قال: يا رسول الله، إن لى قرابة أصلهم ويقطعونى، وأحسن إليهم ويسيئون إلىَّ، وأحلم عليهم ويجهلون على، فقال " إن كنت كما قلت فكأنما تُسِفُّهم المَلَّ، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك " رواه مسلم. والمل هو الرماد الحار، وهو تشبيه ما يلحقهم من الإثم بما يلحق آكل الرماد الحار من الألم، ولا شىء على هذا المحسن إليهم لكن ينالهم إثم عظيم بتقصيرهم فى حقه وإلحاقهم الأذى به.
هكذا شرح النووى معنى الحديث، وأقول لصاحب السؤال:
استمر على صلة رحمك على الرغم من موقفهم منك، وادع الله لهم بالهداية كما دعا الرسول لأهل مكة، ولا تقصِّر فى حقهم، بل اجعل حبل الصلة ممدودا ولو بأقل ما يمكن. واقرأ قول الله تعالى:{ولا تستوى الحسنة ولا السيئة ادفع بالتى هى أحسن فإذا الذى بينك وبينه عداوة كأنه ولى حميم. وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم} فصلت: ٣٤، ٣٥