[حكم تجارة الدخان والكسب الناتج منها]
المفتي
حسنين محمد مخلوف.
محرم ١٣٦٧ هجرية - ٨ ديسمبر ١٩٤٧ م
المبادئ
١ - الدخان مكروه كراهة تنزيه إلا لعارض، والكراهة التنزيهية تجامع الإباحة.
٢ - التجارة فى الدخان مباحة على الراجح والربح الناتج منها حلال طيب
السؤال
شخص قال أرجو الإفادة عن حكم الله فى تجارة الدخان وعما يتبع ذلك من الكسب الناتج عن هذه التجارة.
حيث إن الحاجة ماسة جدا إلى معرفة ذلك
الجواب
الحمد لله وحده.
والصلاة والسلام على من لا نبى بعده. اطلعنا على هذا السؤال المؤرخ فى الثانى من شهر ديسمبر سنة ١٩٤٧ والمتضمن الاستفتاء عن حكم الشريعة الغراء فى تجاره الدخان والكسب الناتج منها ونقول اعلم أن حكم تعاطى الدخان حكم اجتهادى.
وقد اختلفت فيه آراء الفقهاء والحق عندنا. كما فى رد المحتار أنه الإباحة، وقد أفتى بحله من يعتمد عليه من أئمة المذاهب الأربعة.
كما نقله العلامة الأجهورى المالكى فى رسالته.
وقال العلامة عبد الغنى النابلسى فى رسالته التى ألفها فى حله.
إنه لم يقم دليل شرعى على حرمته أو كراهته. ولم يثبت إسكاره أو تفتيره أو أضراره بعامة الشاربين حتى يكون حراما أو مكروها تحريما فيدخل فى قاعدة الأصل ى الأشياء الإباحة.
بل قد ثبت خلاف ذلك وفى الأشباه عند الكلام على قاعدة الأصل فى الأشياء الإباحة أو التوقف.
أن أثر ذلك يظهر فيما أشكل أمره ومنه الدخان. وفى رد المحتار أن فى إدخاله تحت هذه القاعدة إشارة إلى عدم تسليم إسكاره وتفتيره وإضراره كما قيل وإلى أن حكمه دائر بين الإباحة والتوقف، والمختار الأول لأن الراجح عند جمهور الحنفية والشافعية كما فى التحرير أن الأصل الإباحة إلا أنه كما قال العلامة الطحطاوى يكره تعاطيه كراهة التحريم لعارض، ككونه فى المسجد للنهى الوارد فى الثوم والبصل وهو ملحق بهما وكونه حال القراءة لما فيه من الإخلال بتعظيم كتاب الله تعالى انتهى موضحا وأشار بالنهى المذكور إلى ما فى صحيح البخارى عن ابن عمر رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم قال فى غزوة خيبر من أكل من هذه الشجرة يعنى الثوم فلا يقربن مسجدنا.
وعن جابر بن عبد الله أن البنى صلى الله عليه وسلم قال من أكل ثوما أو بصلا فليعتزل مسجدنا وليقعد فى بيته.
والعلة فى النهى كراهة الرائحة وإيذاء المسلمين بها فى المساجد.
ولا شك أن للدخان أيضا رائحة مستكرهة عند من لا ستعمله فيكره تعاطيه فى المسجد للعلة المذكورة كما يكره لأجلها غشيان المساجد لمن أكل الثوم والبصل ونحوهما من المأكولات ذات الرائحة الكريهة التى تبدو بالتنفس والجشاء ما دامت فى المعدة.
ويكره تعاطيه أثناء القراءة لكل من التالى والسامع لتحقق العلة المذكورة فيهما.
والكراهة لعارض لا تنافى حكم الإباحة فى عامة الأحوال وقول العمادى بكراهة استعمال الدخان محمول كما ذكره أبو السعود على الكراهة التنزيهية وقول الغزى الشافعى بحرمته قد ضعفه الشافعية أنفسهم ومذهبهم أنه مكروه كراهة تنزيه إلا لعارض، والكراهة التنزيهية تجامع الإباحة، ومن ذلك يعلم أن الاتجار فيه اتجار فى مباح على الراجح وأن الربح الناتج عنه حلال طيب.
والله سبحانه وتعالى أعلم