للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[صلاة الصبح]

المفتي

عطية صقر.

مايو ١٩٩٧

المبادئ

القرآن والسنة

السؤال

ما معنى قول النبى صلى الله عليه وسلم "من صلى الصبح فهو فى ذمة الله، فلا يطلبنه الله من ذمته بشىء، فإنه من يطلبه من ذمته بشىء يدركه، ثم يكبه على وجهه فى نار جهنم"؟

الجواب

روى هذا الحديث مسلم فى صحيحه، وجاء فى رواية لابن ماجه والطبرانى بسند صحيح قوله صلى الله عليه وسلم "من صلى الصبح فى جماعة فهو فى ذمة الله فمن أخفر ذمة الله كبه الله فى النار لوجهه ".

والذمة هى الأمان والعهد والضمان، والذى يصلى الصبح فى جماعة هو فى ضمان الله ووقايته، وكلمة خفر الثلاثية تفيد الحراسة والأمن والضمان، يقال: خفر الرجل الرجل إذا حرسه وأمنه وأخفر، بزيادة الهمزة تفيد عكس ما تفيده خفر الثلاثية، يقال: أخفر الرجل الرجل إذا أزال ضمانه ونقض عهده.

والحديث يبين فضل صلاه الصبح وبخاصة إذا كانت فى جماعة، والذى يحرص عليها يستيقظ مبكرا ليدركها قبل فوات وقتها بطلوع الشمس. والبكور فيه الخير والبركة وهو فترة النشاط التى يجب أن تستغل استغلالا طيبا، وقد دعا النبى صلى الله عليه وسلم لأمته أن يبارك الله لها فى بكورها.

فالذى يبكِّر ويصلى الصبح يكون فى حماية الله وحراسته من السوء جزاء محافظته على الصلاة التى يعارضها هوى النفس فى الكسل والتباطؤ وعدم مغادرة الفراش، ومن جاهد نفسه أول النهار استطاع أن يجاهد ما يعترضه طول النهار من فتن ومغريات، والله سبحانه يقول {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين} :

العنكبوت: ٦٩ فالله سبحانه يحذر أى إنسان أن ينال هذا الشخص بسوء لأنه فى حماية الله،ومن تعدى عليه طعن فى حراسة الله له ولم يحترم حماه،والله يغضب لذلك غضبا شديدا ومن غضب عليه أنزل به عقابه ولن يفلت منه، فهو يتعقبه كما يتعقب صاحب الدم من قتل قريبه، ليثأر له أو من أهان شرفه ليغسل العار عنه وعقاب الله لمن يخفر ذمته بالتعدى على من صلَّى الصبح سيكون بإذلاله وإهانته وكبه على وجهه فى النار.

واحتراما لهذا الحديث وخوفا من التهاون فيما جاء به ذكر التاريخ أن الحجاج بن يوسف الثقفى، وهو المعروف بشدة بطشه وجبروته أمر سالم بن عبد الله بن عمر أن يقتل رجلا، فسأل سالم هذا الرجل وقال له: هل صليت الصبح؟ قال نعم؟ فقال له: انطلق فلن أمسك بسوء، فلما سأله الحجاج: لِمَ لم تقتله؟ قال لأنه صلَّى الصبح فكان فى جوار الله فكرهت أن أقتل رجلا أجاره الله.

والحديث إذا كان يحثنا على المحافظة على الاستيقاظ المبكر لأداء صلاة الصبح فى وقتها فهو يحثنا أيضا على أداء كل الصلوات فى أوقاتها، ويحثنا على احترام من يحافظون على الصلوات فأولئك هم المؤمنون، والله سبحانه يقول: {إن الله يدافع عن الذين آمنوا} الحج: ٣٨

<<  <  ج: ص:  >  >>