[رؤية النبى صلى الله عليه وسلم بعد وفاته]
المفتي
عطية صقر.
مايو ١٩٩٧
المبادئ
القرآن والسنة
السؤال
هل يمكن رؤية النبى صلى الله عليه وسلم يقظة بعد وفاته؟
الجواب
روى البخارى ومسلم وغيرهما أن النبى صلى الله عليه وسلم قال:
" من رآنى فى المنام فسيرانى، فى اليقظة، ولا يتمثل الشيطان بى ".
لقد وضع الحافظ السيوطى رسالة فى روية النبى صلى الله عليه وسلم " مناما ويقظة سماها " تنوير الحلك فى إمكان رؤية النبى جهارا أو الملك " كما تحدث عنها غيره مثل القسطلانى فى المواهب اللدنية بشرح الزرقانى، وقد استخلصت من ذلك ما يأتي:
١ - رؤية النبى صلى الله عليه وسلم فى المنام جائزة، على خلاف فى رؤية الشخص أو المثال، وما يحتاج إلى تعبير وما لا يحتاج إليه، وذلك كرؤية الإنسان لأى شخص بعد وفاته.
٢ -من راَه فى المنام فسيراه، تحقيقا للوعد الذى جاء فى الحديث، على خلاف فى هذه الرؤية إن كانت فى الدنيا أو فى الآخرة، أو كانت لمن راَه حال حياته صلى الله عليه وسلم خاصة، أو عامة لكل إنسان إلى يوم القيامة.
٣-رؤيته يقظة بعد موته ليس هناك نص يمنعها، فهى ممكنة، على خلاف فى هذه الرؤية:
فإن كانت مثالية أى صورة يستحضرها الإنسان حتى تبدو كأنها الحقيقة فذلك لا مانع منه، ويحمل عليه ما يراه بعض الصالحين، وإن كانت روية شخصية وكان الرائى قد راَه فى قبره فذلك لا مانع منه، كما رأى النبى صلى الله عليه وسلم موسى عليه السلام فى قبره، وهى لأصحاب الكرامات، والكرامات معترف بها كالمعجزات، مع التحفظ على أن هذه الرؤية الشخصية ربما لا تكون تماما كالرؤية بالعين الباصرة المتعارفة عند الناس.
٤ - حوادث رؤية النبى صلى الله عليه وسلم بعد موته كثيرة، لكن أسانيد رواياتها ظنية، وهناك مندوحة لعدم تصديقها، والرائى لا بد أن يكون عدلا، وفى الوقت نفسه يكون متثبتا مما رآه، كامل العقل والقدرة على الإخبار به كما حدث، وبدون ذلك تقوى التهمة، وكل راوٍ له استعداده فى التحمل والنقل، والأداء ربما لا يعتبر تماما عن الرؤية.
٥ -ما يُدَّعى أنه أمِرَ به أو نهى عنه فى الرؤية الشخصية لا يمكن أن يعارض الثابت فى القرآن والسنة.
٦ -ينبغى لمن حصل له ذلك ألا يستغله استغلالا سيئا لمصلحة نفسه أو لغرض آخر لا يتفق مع الدين، وهو حرٌّ فى تصديق ما يراه، لكن لا يفرضه على غيره.
٧-يجب الاهتمام بتنفيذ ما جاء فى القرآن والسنة، فالاعتصام بهما سبيل الهدى وحماية من الضلال، والدين واضح وكامل وتام ليس فى حاجة إلى زيادات بعد ما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه والأئمة المجتهدين. وكل ما يقال عن الجديد فلا بد أن يأخذ شرعيته من أصول الدين.
٨ -الخلاف فى مسألة الرؤية غير مفيد، والوقت الذى يبذل فيه تأييدا أو إنكارا ينبغى أن يبذل فيما هو أهم، فالقضايا والمشكلات كثيرة، ومن مصلحة العدو أن ننصرف عنها إلى هوامش ليست من صحيح العقيدة الإسلامية وأصول التشريع.
٩ - لا يجوز مطلقا أن يرمى أحد بالكفر لتكذيبه دعوى جواز الرؤية الشخصية للرسول صلى الله عليه وسلم أو وقوعها، ولا أن يرمى أحد بالزيغ والضلال لمجرد القول بها، فإذا تجاوزت الحد بأى نوع من التجاوز كان التفاهم بالحسنى لتصحيح الخطأ أو الحد من التعصب. ١٠ - مسألة الرؤية هذه ليست من العقائد المفروضة التى يترتب على إنكارها الكفر، فالعقائد لا تثبت إلا بما يفيد العلم اليقينى ولا يوجد عليها دليل فى القرآن الكريم، ودليلها من السنة ليس قطعيا فى دلالته، فالاحتمال موجود حتى على فرض قطعية الثبوت بالحديث الصحيح الذى لم يبلغ مبلغ التواتر