[فتح المأموم على الإمام]
المفتي
عطية صقر.
مايو ١٩٩٧
المبادئ
القرآن والسنة
السؤال
ما معنى فتح المأموم على الإمام، وهل هو جائز أو غير جائز؟
الجواب
معنى فتح المأموم على الإمام تنبيهه إلى ما يقروه من السور أو الآيات بعد قراءة الفاتحة، وهذا التنبيه قد يكون تصحيحا لخطأ فى القراءة، وقد يكون تذكيرا له بما يريد أن يقرأه، وهو مشروع.
والأصل فى ذلك حديث رواه أبو داود عن مُسَوَّر بن يزيد المالكى قال:
صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فترك آية، فقال له رجل: يا رسول الله آية كذا وكذا، قال "فهلاَّ ذكرتنيها" وفى رواية له عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم صلى صلاة فقرأ فيها فلبس عليه، فلما انصرف قال لأبى "أصليت معنا"؟ قال: نعم، قال "فما منعك "؟ . وإسناده جيد كما قال الخطابى.
والمعنى أن النبى صلى الله عليه وسلم ترك آية فظن مسور أنها نسخت، فذكر له النبى صلى الله عليه وسلم أنها لم تنسخ وكان يود أني يذكره إياها. ومعنى "لبس " بفتح اللام والباء، التبس واختلط.
جاء فى نيل الأوطار للشوكانى "ج ٢ ص ٣٣٩ " أن الحديثين يدلان على مشروعية الفتح على الإمام، على خلاف فى ندبه أو وجوبه عند الشيعة، وقال أبو حنيفة فى رواية عنه: إنه مكروه ودليله ما أخرجه أبو داود عن على رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "يا على لا تفتح على الإمام فى الصلاة " وأخرجه عبد الرزاق فى مصنفه، وهو مطعون فيه، ولا يعارض ما ورد فى مشروعية الفتح.
وجاء فى المغنى لابن قدامة "ج ١ ص ٧١١" أن الفتح على الإمام إذا أرتج عليه أو غلط فرُدَّ عليه لا بأس به فى الفرض والنفل، روى ذلك عن عثمان وعلى وابن عمر رضى الله عنهم، وكذلك بعض التابعين كالحسن وابن سيرين، وكرهه ابن مسعود من الصحابة، وشريح والشعبى. وقان أبو حنيفة: تبطل الصلاة به، وذكر الأحاديث السابقة ثم ذكر ابن قدامة أن الإمام إذا أرتج عليه فى الفاتحة لزم مَن وراءه الفتح عليه، كما لو نسى سجدة لزمهم تنبيهه بالتسبيح، فإن عجز عن إتمام الفاتحة فله أن يستخلف من يصلى بهم لأنه عذر كما لو سبقه الحدث.
وجاء فى فقه المذاهب الأربعة ما خلاصته:
١ -أن الحنفية قالوا: إذا نسى الإمام الآية كأن توقف فى القراءة أو تردد فيها فإنه يجوز للمأموم الذى يصلى خلفه أن يفتح عليه، ولكنه ينوى إرشاد إمامه لا التلاوة، لأن القراءة خلف الإمام مكروهة تحريما.
ويكره للمأموم المبادرة بالفتح على الإمام، كما يكره للإمام أن يلجئ المأموم على إرشاده، بل ينبغى له أن ينتقل إلى آية أخرى أو سورة أخرى، أو يركع إذا قرأ القدر المفروض والواجب.
٢ -والمالكية قالوا: يفتح المأموم على إمامه إذا وقف عن القراءة وطلب الفتح بأن تردد فى القراءة، أما إذا وقف ولم يتردد فإنه يكره الفتح عليه، ويجب الفتح عليه فى الحالة الأولى إن ترتب عليه تحصيل الواجب لقراءة الفاتحة، ويُسَنُ إن أدَّى إلى إصلاح الآية الزائدة عن الفاتحة، ويندب إن أدى إلى إكمال السورة الذى هو مندوب.
٣- والشافعية قالوا: يجوز للمأموم أن يفتح على إمامه بشرط أن يسكت عن القراءة، أما إذا تردد فى القراءة فإنه لا يفتح عليه ما دام مترددا، ولا بد لمن يفتح على إمامه أن يقصد القراءة وحدها، أو يقصد القراءة مع الفتح، أما إن قصد الفتح وحده، أو لم يقصد شيئا أصلا فإن صلاته تبطل على المعتمد.
٤ - والحنابلة قالوا: يجوز للمصلى أن يفتح على إمامه إذا أرتج عليه (أى منع من القراءة) أو غلط فيها، ويكون الفتح واجبا إذا منع الإمام من القراءة أو غلط فى الفاتحة، لتوقف صحة الصلاة على ذلك.
هذا، ولعل ما نقلته من فقه المذاهب الأربعة يوضح ما نقلته عن نيل الأوطار للشوكانى وعن المغنى لابن قدامة. واختلاف الآراء رحمة، لأنه يتيح الفرصة للأخذ بأحدها دون تعصب