للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[إسراع الجنازة]

المفتي

عطية صقر.

مايو ١٩٩٧

المبادئ

القرآن والسنة

السؤال

هل صحيح أن الجنازة إذا كان سيرها سريعا كانت صالحة وإذا كان بطيئا كانت غير صالحة؟

الجواب

روى البخارى ومسلم عن أبى سعيد الخدرى أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "إذا وضعت الجنازة واحتملها الرجال على أعناقهم فإن كانت صالحة قالت: قدمونى، وإن كانت غير صالحة قالت: يا ويلها أين تذهبون بى؟ يسمع صوتها كل شيء ولو يسمع الإنسان لصعق "وروى البخارى ومسلم أيضا أن النبى صلى الله عليه وسلم قال عند موت سعد بن معاذ "اهتز عرش الرحمن لموت معاذ" وروى الترمذى عن أنس رضى اللَّه عنه قال: لما حملت جنازة سعد بن معاذ قال المنافقون: ما أخف جنازته - وذلك لحكمه فى بنى قريظة - فبلغ ذلك النبى صلى الله عليه وسلم فقال:

"إن الملائكة كانت تحمله.

وذكر ابن الأثير فى كتابه "أسد الغابة" عن سعد بن أبى وقاص عن النبى صلى الله عليه وسلم قال "لقد نزل من الملائكة فى جنازة سعد بن معاذ سبعون ألفا ما وطئوا الأرض من قبل، وبحق أعطاه الله ذلك.

تدل هذه الأحاديث على أن الجنازة إذا كانت صالحة تطلب من حملتها من الناس أن يسرعوا بها لتتنعم بما أعده اللَّه لها، وإن لم يسمعوا صوتها، وعلى أن هناك من يسمعها، كما تدل على أن الملائكة تشارك فى حمل جنازة بعض الخواص من المسلمين أو على الأقل أن حملها للجنازة ممكن لا يوجد نص يمنعه، والعقل لا يحيل ذلك، فإن فى العالم قوى خفية وللأرواح أحوالا غريبة، مع الإيمان بأن اللَّه على كل شىء قدير.

بعد هذا نقول: إسراع النعش وإبطاؤه أو وقوفه أو طيرانه فوق الرءوس أمور تناقل الناس أخبارها كثيرا، بعضهم سمع وبعضهم رأى، وأكثر المعلقين عليها يقولون: إن ذلك من فعل الحاملين للجنازة، وقد يكون ذلك التعليق صحيحا، لكن تحدث أناس موثوق بحديثهم أن الإسراع أو الإبطاء، قد يكون اضطرابا لا دخل فيه لأحد من الحاملين لها. ونحن بدورنا نقول:

إن الأمر فى حد ذاته ممكن، وليس هناك نص يمنعه، وإن كان حديث الترمذى فى شأن سعد بن معاذ يرجحه، وهو على كل حال ليس عقيدة نحاسب عليها، وإنما الذى نحاسب عليه من العقائد هو ما يكون دليله قطعى الثبوت والدلالة، وموضوع السؤال ليس من هذا القبيل.

وعلينا أن نعتقد أن عمل الإنسان هو ميزان تقديره عند اللَّه، كما نحذر من يحملون الجنازة من اصطناع أمور يظهرون بها كرامة ميتهم، فكرامته فى عمله، والله وحده هو الذى يتولى ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>