[الروتارى]
المفتي
عطية صقر.
مايو ١٩٩٧
المبادئ
القرآن والسنة
السؤال
نسمع عن تشكيل يطلق عليه اسم " الروتارى " فهل فيه تعاليم تخالف تعاليم الإسلام؟
الجواب
جاء فى المصادر التى كتبها المنتسبون إلى الروتارى، والمعلقون عليه أن المحامى اليهودى " بول هاريس " الذى كان يعيش فى شيكاغو أحس بالوحدة وبحاجته الملحة إلى الزمالة والصداقة، ففكر فى جمع بعض الأصدقاء فى مكتبه فى روح أخوية، ليتدارسوا كيفية رفع مستوى كل منهم.
وأول اجتماع كان فى ٢٣ من فبراير سنة ١٩٠٥ م حضره أربعة من الأصدقاء، واتفقوا على أن يكون الاجتماع أسبوعيا فى مكان عمل واحد منهم، ومن هنا جاء اسم: " الروتارى ". ولما كثر عددهم وضاقت بهم أماكن العمل أصبحت اجتماعاتهم حول موائد للطعام، مع مناقشة ما يرون من مسائل.
ثم أنشأوا ناديا ثانيا فى " فرنسيسكو " سنة ١٩٠٨ م، وتكونت نواد خارج أمريكا، كان أولها نادى " وينينج " فى كندا سنة ١٩١٢، ثم انتشرت فى كثير من البلاد، حتى صار عددها ١٧٨٠٠ فى ١٥٤ دولة ومنطقة جغرافية حسب إحصاء نوفمبرسنة ١٩٧٨ م.
وهذه النوادى تعقد مؤتمرات كان أولها فى شيكاغو سنة ١٩١٠ م وكان أول مؤتمر خارج أمريكا سنة ١٩٢١ م فى " أدنبرة " باسكوتلاندا حيث أطلق عليه اسم: الروتارى الدولى. وفى سنة ١٩٢٢ م عقد المؤتمر فى " لوس أنجلوس " بأمريكا، واستمرت المؤتمرات تنعقد سنويا منذ ذلك التاريخ، وكان آخرها رقم ٦٩ فى طوكيو سنة ١٩٧٨ م.
ونوادى الروتارى تعتبر أعضاء فى مؤسسة الروتارى الدولية، ومقرها مدينهَ " أفنسنون " بولاية " ألينوى " بالولايات المتحدة الأمريكية.
تبين أن فكرة النادى نبعت من الحاجة إلى، طرد شبح الوحدة والعزلة وإلى الاندماج مع الناس، والتفكير فى تحسين حال الزملاء الذين يجمعهم النادى، ثم وضح نادى الروتارى فى مصر الغرض من إنشائه وركزه فى أمور أربعة:
١ - توسيع مدى التعارف لإتاحة الفرصة للخدمة.
٢- بلوغ مستوى خلقى سام فى الأعمال والمهن.
٣ - تمسك كل روتارى بمبدأ الخدمة فى حياته الشخصية العملية والاجتماعية.
٤ - تعزيز روح التفاهم الدولى والنية الصادقة وحب السلام، وذلك بتوثيق أواصر الزمالة فى العالم بين الروتاريين أصحاب الأعمال والمهن.
وهذه الأغراض فى شكلها وفى جملتها قد تغرى بالانضمام إلى هذه النوادى، أو على الأقل عدم التعرض لنشاطها ما دام يستهدف تحقيق هذه الأغراض.
ومن المعلوم أن هناك صلة بينها وبين الماسونية، ومن شواهد ذلك:
١ - أن شعار جميع الأعضاء هو " الأديان تفرقنا والروتارى يجمعنا" وهو شعار الماسونية. وقد قرر مجلس إدارة الروتارى الدولى فى اجتماع عام ٤٠ / ١٩٤١ م أن نوادى الروتارى تضم أعضاء من مختلف الأديان والمبادئ، ولكل أن يتمسك بعقيدته الدينية، مع الاحترام الكامل لعقيدة الآخرين.
وقد وضع الأديان كلها فى مستوى واحد من الاحترام، بصرف النظر عما هو سماوى أو أرضى، وفى ذلك -كما يقال -غسل القلوب والعقول تمهيدا لغرس ما يراد فيها مما تخطط له الماسونية من سيطرة الدين اليهودى وأفكار التلمود التى استغنوا بها عن التوراة.
٢ - أن المجموعة الأولى التى اشتركت مع "بول هاريس " فى تأسيس الروتارى كانت أعضاء فى المحافل الماسونية، بل إنه فى بعض الحالات قصرت عضوية النادى على الماسون فقط مثل نادى "أدنبرة " فى بريطانيا سنة ١٩٢١ م.
٣ - يقول الصحفى التركى (شهاب طان) -كما جاء فى كتاب "فى زنزانات إسرائيل " -. ولكن المحافل الماسونية غيرت اسم بعضها إلى جمعيات الروتارى بعد أن عرفت أسرارها وأهدافها.
٤ - حذر الفاتيكان من خطر هذه الأندية، فصدر مرسوم من المجلس الأعلى فى ٠ ٢ من كانون أول سنة ١٩٥٠ م قرر فيه الكرادلة ما يأتى: " دفاعا عن العقيدة والفضيلة تقرر عدم السماح لرجال الدين بالانتساب إلى الهيئة المسماة بنوادى الروتارى، وعدم الاشتراك فى اجتماعاتها ".
٥ - أن بعض الجمعيات والتنظيمات الحديثة التى دخلت المحيط الإسلامى ظهر أن لها صلة قوية بتنظيمات غربية تستهدف مصالح الغرب وبخاصة اليهود، كجمعية: " أصدقاء الشرق الأوسط الأمريكية " التى يعمل " هوبكنز " نائبا لرئيسها، وقد كان قسيسا ومنتسبا لطائفة خطيرة، وله نشاط واسع فى السياسة لصالح أمريكا وبريطانيا، وقد قاطعت شخصيات إسلامية هامة مؤتمره الذى عقد سنة ١٩٥٤ م. فى " بحمدون " بلبنان، معلنة أن الإسلام ليس فى حاجة إلى توجيهات أجنبية.
إن أقل ما يقال فى الروتارى وأمثاله أنها تشكيلات تحوم حولها الشبهة لما يأتى:
١ - أن المؤسسين الأول يهود، ونحن نعرف ماضيهم وما ارتكبوه من جرائم فى حق الإنسانية كلها، وسجل القرآن كثيرا منها، وما يزال العرب والمسلمون يعانون منهم إلى اليوم.
٢ - هل عقمت تعاليم الإسلام وأفكار المسلمين أن تضع أهدافا إنسانية كالتى يدعيها المؤسسون للروتارى؟ وهل نحن فى حاجة إلى ما يضعه لنا الأجنبى المعروف بعدائه، والذى يصبغه بألوان ينخدع بها المصابون بعقدة الخواجة؟ .
٣ - إن اللمسة الروحية تنقص هذه النوادى فالاهتمام كله فى الخدمة بالمفهوم الذى يعرفه من تورط فيها وقتا أو راقب نشاطها، دون اهتمام بالثواب الأخروى فهو أمر ثانوى، وقد فطن لخطرها آباء الكنيسة المسيحية، فقد خطب " تشيسترون " فى حفل أقيم سنة ١٩٣١ م فى نيويورك، ووصف منظمة الروتارى بأنها تنقصها اللمسة الروحية وأن شيئا غير أخلاقى يهيمن عليها وعلى علاقات أفرادها. انتهى.
٤ - جاء فى جريدة "الشهاب " بتاريخ ١٣ / ٥ / ١٩٦٤ م أن أول مؤتمر ماسونى روتارى عقد فى " رامات غان " بفلسطين المحتلة، وامتدحوا فيه إسرائيل.
هذه هى نوادى الروتارى من كلام أعضائها والمتصلين بها، والمسلمون بالذات ليسوا فى حاجة إليها، وإذا كان لبعض أعضائها نشاط دينى فهو ليس نتيجة الانتساب إليها، وإذا كان لبعض الشخصيات اتصال بها فى مناسبة ما فليس ذلك شهادة بأنها بعيدة عن الشبهة، ومن أراد أن يباشر نشاطا اجتماعيا لا شبهة فيه فما أكثر ميادينه البريئة، ولتكن لنا شخصية مستقلة فى فكرها وسلوكها، تتخذ مقوماتها من الدين الذى أكمله الله وأتم به النعمة، ووعد على التمسك به حياة طيبة فى الدنيا والأخرى.
الروتارى فى مصر:
فى مطلع سنة ١٩٢٨ م زار مصر المستر " جلاكستين " وهو من أعضاء نادى " هامر سميث " بانجلترا، وتقابل مع مجموعة من الرجال كانوا يجتمعون على الغداء مرة فى كل أسبوع، فدعاهم إلى إنشاء أول ناد للروتارى فى المنطقة، فوافقوا وأصبح عددهم ١٦ وفى يناير ١٩٢٩ م بعث الروتارى الدولى مندوبا عنه هو المستر دافيد سن من كالجرى بكندا لحضور أول اجتماع للنادى فى ٢ من يناير سنة ١٩٢٩م فى فندق شبرد وكان عدد الأعضاء ٢٢ عضوا، وبعث الروتارى الدولى مندوبا عنه هو المستر " كوك بونينج " من هولندا ليسلم رئيس النادى وقتذاك المستر "مارتن " شهادة تأسيس النادى المؤرخة فى ١١ من مارس ١٩٢٩ م. وتمت تلك المراسم على متن السفينة " مصر " فى ٨ / ١٢ / ١٩٢٩ م.
وفى الفترة من سنة ٢٩- ١٩٣٩ م كان أغلب الأعضاء من الأجانب ولم يكن من بين الأعضاء المؤسسين، وعددهم ٢٢، إلا خمسة من المصريين، منهم اثنان فقط من المسلمين، وكانت اللغة المستعملة هى الإنجليزية، ولم يشترك أحد من المصريين فى مجلس الإدارة حتى عام ١٩٣١ م، وكانت رئاسة النادى لغيرهم حتى سنة ١٩٣٤ م، ومنذ سنة ١٩٣٩ م أنشئت نواد فى الإسكندرية وبورسعيد والمنصورة والزقازيق وأسيوط، والمشتركون فيها خليط من المسلمين والمسيحيين واليهود.
والمقر الدائم لنادى الروتارى المصرى رقم ٣ شارع بهلر، افتتح فى ٢١ من مارس ١٩٥٥ م. ومن ١٤ من أبريل سنة ١٩٥٩ م انتقلت اجتماعاته من فندق سميراميس إلى فندق النيل هيلتون وهو تابع لوزارة الشئون الاجتماعية.
ومن أراد أن يعرف أسماء الأعضاء والرؤساء فليرجع إلى كتاب "العيد الذهبى للروتارى فى مصر " ١٩٢٩ -١٩٧٩ م فى ١٣ من مارس ١٩٧٩ - ١٥ من مارس ١٩٧٩ م.
هذا مختصر من بحث طويل عن الروتارى ربما أنشره فى فرصة أخرى