هل صحيح أن من أراد يضحى يحرم عليه قص شعره وأظفاره فى العشر الأوائل من ذى الحجة؟
الجواب
روى مسلم وغيره عن أم سلمة رضى الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا دخل العشر وأراد أحدكم أن يضحى فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره شيئا حتى يضحى " وروى البخارى ومسلم عن عائشة رضى الله عنها قالت: كنت أفتل قلائد هدى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يقلدها بيده، ثم يبعث بها، ولا يحرم شىء أحله الله له حتى ينهر الهدى.
ذهب سعيد بن المسيب وربيعة وأحمد بن حنبل وإسحاق وداود وبعض أصحاب الشافعى إلى أنه يحرم أخذ شىء من شعر الإنسان أو أظفاره إذا أراد أن يضحى حتى يضحى. وقال الشافعى وأصحابه: إنه مكروه كراهة تنزيه وليس بحرام، وقال أبو حنيفة: لا يكره الحلق والتقصير، والحديث يرُدّ عليه، وقال مالك فى رواية: لا يكره، وفى رواية: يحرم فى التطوع دون الواجب.
والقائلون بالتحريم استدلوا بالحديث المروى عن أم سلمة، واحتج الشافعى بحديث عائشة لأنه أقوى. واستظهر الشوكانى الرأى الأول وهو الحرمة وتحمس له ابن قدامة الحنبلى المتوفى سنة ٦٣٠ هـ ومن قبله الخرقى المتوفى سنة ٣٣٤ هـ، وأورد عدة مبررات لذلك.
والحكمة فى النهى أن يبقى بدن الإِنسان كامل الأجزاء للعتق من النار، وقيل للتشبه بالمحرم كما ذكره النووى، وحكى عن أصحاب الشافعى أن الوجه الثانى -وهو التشبيه بالمحرم - غلط، لأنه لا يعتزل النساء ولا يترك الطيب واللباس وغير ذلك مما يتركه المحرم.
وهذا كله لمن أراد أن يضحى، أما من لم يرد ذلك فلا شىء عليه "المغنى لابن قدامة ج ١١ ص ٩٥ "، " نيل الأوطار للشوكانى ج ٥ ص ١١٩ " هذه هى آراء العلماء، ولكل وجهة، ولا بأس من أتباع أحدها