للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[موقف القانون المصرى من تبنى مصرى مسلم لأجنبى]

المفتي

جاد الحق على جاد الحق.

صفر ١٤٠٠ هجرية - ٢٠ صفر ١٩٧٩ م

المبادئ

١ - التبنى محرم بنص قاطع من القرآن الكريم والإقرار بالنسب جائز ويقع صحيحا بشروطه.

٢ - النسب فى الإسلام من حقوق الله تعالى التى تقابل التعبير القانونى الآن (النظام العام) .

٣ - القانون المصرى للأحوال الشخصية لا يجيز التبنى ولا يقره ويعتبره منعدما إذا صدر من شخص تحكمه قواعده

السؤال

من السيد المستشار وكيل وزارة العدل.

لشئون مكتب الوزير. بالكتاب الرقيم ١٥٨٩ - ع هـ المؤرخ ١٥/١٢/١٩٧٩ المقيد برقم ٣٨٣ لسنة ١٩٧٩.

وعلى الصورة الضوئية لكتاب الإدارة القنصلية بوزارة الخارجية.

وعلى الصورة الضوئية لكتاب الإدارة القنصلية بوزارة الخارجية رقم ١٣٢٠٩ ملف ١٨٠/١٠٣/١ - والمؤرخ ٨٢/١١/١٩٧٩ المتضمن أن السفارة المصرية فى بون قد طلبت بكتابها المحرر فى ١٦/١١/١٩٧٩ رقم ٤٥٢ موافاتها بالرأى نحو موقف القانون المصرى من تبنى مواطن مصرى مسلم لشخص بالغ ألمانى هو فى الحقيقة ابن لزوجته من زواج سابق، وفى حالة إمكان ذلك نرجو الإفادة بالإجراءات التى يمكن اتباعها

الجواب

إن التبنى بمعنى استلحاق معروف النسب أو مجهول النسب ونسبته إلى ملحقه مع التصريح من هذا الأخير بأنه يتخذه ولدا له حال أنه ليس بولد له حقيقة - وأن التبنى بهذا المعنى - أمر محرم فى الإسلام ثبت تحريمه وإبطاله بقول الله سبحانه وتعالى فى القرآن الكريم {وما جعل أدعياءكم أبناءكم ذلكم قولكم بأفواهكم والله يقول الحق وهو يهدى السبيل.

ادعوهم لآباءهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم فى الدين ومواليكم} الأحزاب ٤، ٥، والتبنى غير الاقرار بالنسب.

إذ أن المقر يعترف ببنوة ولد مخلوق من مائه بنوة حقيقية كالبنوة الثابتة بفراش الزوجية.

ولكى يقع الإقرار بالنسب صحيحا يتعين توافر شروط هى: ١ - أن يكون الولد (ذكرا كان أو أنثى) مجهول النسب، لا يعرف له أب، فإن كان معلوم النسب فلا يصح الإقرار به.

٢ - أن يكون من الممكن أن يولد مثل هذا الولد للمقر، فلو كانت سن المقر ثلاثين سنة مثلا وسن المقر له بمثل هذا أو أكثر أو أقل بقدر يسير كان كذب الإقرار ظاهرا فلا ثبت به النسب.

٣ - أن يصدق الولد المقر فى إقراره بالنسب إذا كان مميزا يحسن التعبير عن نفسه، فإذا كذبه وأنكر نسبته إليه فلا يثبت نسبه منه، وإذا كان الولد لا يحسن التعبير عن نفسه فإنه يكفى إقرار المقر لثبوت النسب مع مراعاة الشرطين السابقين.

وخلاصة ما تقدم ان التبنى محرم بنص قاطع فى القرآن الكريم وهو المصدر الأول للأحكام الشرعية الإسلامية، وان الإقرار بالنسب حائز ويقع صحيحا بالشروط الموضحة.

وينبغى التفرقة بين التبنى وبين الإقرار بالنسب حتى لا يختلط أمرها والفرق بينهما واضح من تحديد كل منهما على الوجه السابق بيانه، إذ أن التبنى ادعاء نسب لا وجود له فى الواقع، أما الإقرار بالنسب هو ادعاء نسب واقع فعلا لكنه غير ثابت بمراعاة تلك الشروط.

وإذ كان ما تقدم وكان النسب فى الإسلام من حقوق الله تعالى التى تقابل التعبير القانونى الآن - النظام العام - وكانت مسائله ومنها التبنى محكومة بالقواعد المبينة فى المادة ٢٨٠ من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية بالمرسوم بقانون رقم ٧٨ لسنة ١٩٣١ والمادة السادسة من القانون رقم ٤٦٢ لسنة ١٩٥٥ وهى أرجح الأقوال فى فقه مذهب أبى حنيفة، وكان فقه هذا المذهب بالإضافة إلى فقه جميع الذاهب الإسلامية يحرم التبنى نفاذا لقول الله سبحانه فى القرآن الكريم فى الآيتين ٤، ٥ من سورة الأحزاب.

وكانت الواقعة المسئول عنها فى كتاب السفارة المصرية فى بون واقعة التبنى من المصرى المسلم فإنها تكون غير صحيحة فى نطاق القانون المصرى للأحوال الشخصية، ويقع التبنى منعدما لا تترتب عليه أية آثار، كما أنه لا يصح لهذا المصرى الإقرار بنسب ذلك الرجل البالغ إليه لأنه معروف بالنسب فعلا باعتباره ابن زوجته من زواج سابق فهو معروف الأب، ومن ثم فلم تتوافر فى الإقرار بنسبه الشروط سالفة الذكر.

لما كان ذلك فإن القانون المصرى للأحوال الشخصية لا يجيز التبنى ولا يقره، ويعتبره منعدما إذا صدر من شخص تحكمه قواعده {ومن أصدق من الله قيلا} النساء ١٢٢، والله سبحانه وتعالى أعلم

<<  <  ج: ص:  >  >>