كيف يحاسب الإنسان فى القبر إذا مات غريقا أو محروقا، أو أكلته الحيوانات أو الأسماك المتوحشة، او استخدم جسمه فى منفعة علمية مثل التشربح؟
الجواب
اتفق أهل السنة على أن الميت يسأل بعد موته، سواء دفن أم لم يدفن، فلو أكلته السباع أو أحرق حتى صار رمادا ونسف فى الهواء، أو غرق فى البحر فلا بد من سؤاله ومجازاته.
قال الحافظ ابن حجر فى "فتح البارى ج ٣ ص ٢٧٧": ذهب ابن حزم وابن هبيرة إلى أن السؤال يقع على الروح فقط من غير عودة إلى الجسد، وخالفهم الجمهور فقالوا: تعاد الروح إلى الجسد أو بعضه كما ثبت فى الحديث، ولو كان على الروح فقط لم يكن للبدن بذلك اختصاص، ولا يمنع من ذلك كون الميت قد تتفرق أجزاؤه، لأن الله قادر أن يعيد الحياة إلى جزء من الجسد ويقع عليه السؤال، كما هو قادر على أن يجمع أجزاءه.
ومعنى كلام ابن حجر أن من أكلته الحيوانات أو الأسماك سيحاسب ويسأل وهو فى جوف الحيوانات أو الأسماك، ومن استخدم جسمه فى منفعة علمية فيسأل أيضا، ولكن متى؟ قال بعض العلماء:
إن كانت هناك نية لدفنه سيؤخر الحساب إلى أن يدفن، وقال بعضهم:
يسأل قبل الدفن وبعد الدفن.
لكن أحسن ما قيل فى هذا الموضوع ما نقل عن العلامة الأمير: أن هذه مغيبات لا مجال للعقل فيها، فيترك أمرها إلى الله، ذكره العدوى فى كتابه "مشارق الأنوار "ص ٢٧.
وبعد، فإنى أعرض أحيانا بعض الأقوال الاجتهادية فى أمور غيبية لأبين ما شغل به العلماء من تفكير لا أدرى هل خلا لهم الجو من كل العقد فصرفوا وقتهم فى هذا الترف الذهنى، ومع كل هذا فنشكرهم لإثرائهم الحياة الفكرية بكل ما يمكن من معلومات أو معارف أو تصورات