للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[صورة آدم]

المفتي

عطية صقر.

مايو ١٩٩٧

المبادئ

القرآن والسنة

السؤال

هل من الحديث ما يقال: ان الله خلق آدم على صورته؟

الجواب

روى البخاري فى كتاب الاستئذان ومسلم فى بيان صفة الجنة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال " إن اللَّه خلق آدم على صورته " وفى رواية مسلم " خلق اللَّه آدم على صورته، طوله ستون فراعا. " وفى اَخرها " فكل من يدخل الجنة على صورة آدم، وطوله ستون ذراعا، فلم يزل الخلق ينقص بعده حتى الاَن "ج ١٧ ص ١٧٨.

والضمير فى قوله "صورته " يصح أن يكون راجعا إلى الله تعالى، أى خلقه على صفة الله من الحياة والعلم والسمع والبصر وغيرها، أو يكون راجعا إلى اَدم، أى أن الله أوجده على هذه الصورة والهيئة التى خلقه عليها، لم تنتقل فى النشأة أحوالا، ولا تردد فى الأرحام أطوارا كذريته، بل خلقه رجلا كاملا سويا من أول ما نفخ فيه الروح.

وهذا التفسير يرد على الطبيعيين والماديين أصحاب مذهب النشوء والارتقاء، الذين يزعمون أن آدم أصله قرد تطور حتى صار بهذا الشكل، وإذا كانت هناك غرابة فى طوله وهو ستون ذراعا كما رواه البخاري ومسلم، فإن أثر البيئة على طول الأجسام وقصرها معروف فى كثير من المناطق فى العالم كله، والمسافة بين خلق آدم وبعثه الرسول فوق ما نقل عن الأخباريين من أهل الكتاب الذين قالوا: إن عمر الدنيا سبعة اَلاف سنة.

على أن للذراع معايير مختلفة، فقدر بقبضة النَصْل أو السيف أو الرمح أو القناة، وقدره البعض بخمسة سنتيمترات، فيكون طول آدم ثلاثة أمتار، وهو معقول.

يقول الإمام الغزالى فى كتابه " الإملاء على إشكالات الإحياء " المطبوع على هامش الإحياءج ١ ص ١٦٨ حي تعليقا على هذا الحديث: للعلماء فيه وجهان، فمنهم من يرى للحديث سببا، وهو أن رجلا ضرب غلامه، فراَه النبى صلى الله عليه وسلم فنهاه وقال " إن اللَّه تعالى خلق آدم على صورته " وتأولوا عود الضمير على المضروب.

والوجه الآخر أن يكون الضمير الذى فى " صورته " عائدا إلى اللَّه سبحانه.

ويكون معنى الحديث أن الله خلق آدم على صورة هى إلى اللَّه سبحانه.

وهذا العبد المضروب على صوره آدم، فإذًا هذا العبد المضروب على الصورة المضافة إلى الله تعالى. ثم استطرد الغزالى فى الكلام الذى لا مجال لنقله هنا فيرجع إليه من أراد الاستزادة

<<  <  ج: ص:  >  >>