[التطهر بالماء المستعمل وبالماء الفائض]
المفتي
عطية صقر.
مايو ١٩٩٧
المبادئ
القرآن والسنة
السؤال
ما حكم الدين فى استعمال الماء الفائض من اغتسال المرأة فى الوضوء أو الاغتسال من الجنابة؟
الجواب
روى أحمد وأصحاب السنن الأربعة أن النبى صلى الله عليه وسلم نهى أن يتوضأ الرجل بفضل طهور المرأة.
وروى مسلم وأحمد أنه كان يغتسل بفضل ميمونة، وفى رواية لأحمد وابن ماجه أنه توضأ بفضل غسلها من الجنابة.
وروى أحمد وأبو داود والنسائى والترمذى وقال: حديث حسن صحيح:
" أن بعض أزواج النبى @ اغتسلت فى جفنة -إناء كبير-فجاء النبى @ ليتوضأ منها يغتسل، فقالت له: يا رسول الله إنى كنت جنبا فقال "إن الماء لا يجنب ".
وفى هذه الأحاديث تضارب فى الظاهر بعضها ينهى عن التطهر بفضل طهور المرأة وبعضها يجيزه.
وبعيدا عن الترجيح بين الروايات من جهة السند، أقول: إن التطهر بفضل الماء الذى تطهر به الغير يطلق على معنيين:
الأول: التطهر بالماء الذى استعمل قبل ذلك فى التطهر.
الثانى: التطهر بالماء الباقى من كمية الماء الذى سبق التطهر ببعضه، ويصور بأن كمية من الماء فى جفنة أو إناء مثلا أخذ واحد منها بعضا وتطهر به وبقى فى الإناء بعض اَخر دون استعمال له.
أما بالنسبة للإطلاق الأول: فالماء الذى استعمل من قبل فى الطهارة لا يجوز التطهر به فى إزالة نجاسة أو وضوء أو غسل، وهو ما عليه جمهور الفقهاء، وإن كان هو طاهرا فى نفسه لا يتنجس ما يصيبه، وأجاز مالك فى رواية عنه جواز استعماله مرة أخرى فى الطهارة.
وبالنسبة للإطلاق الثانى: يجوز التطهر بالماء الباقى فى الإناء بعد أن أخذ منه شخص بعضه وتطهر به، لأن الماء الباقى لا يجنب كما صرح به الحديث الأخير أى لا يصير جنبا.
وبهذا التوضيح يمكن الجمع بين الأحاديث الناهية عن التطهر بفضل الماء والأحاديث المجيزة له.
وهذا ما قام به الخطابى وذكره الشوكانى فى "نيل الأوطار"ج ١ ص ٣٧ ونص عبارته "وقد جمع بين الأحاديث بحمل أحاديث النهى على ما تساقط من الأعضاء لكونه قد صار مستعملا، والجواز على ما بقى من الماء".
وينبغى ألا تحمل أحاديث النهى على احتقار المرأة، التى تطهرت بماء فلا يجوز التطهر بفضله، فذلك شامل للرجال والنساء، غاية الأمر أن الحادثة التى وردت فيها الأحاديث كانت بين الرسول صلى الله عليه وسلم وزوجاته.
وخلاصة الحكم أن الماء الذى استعمل مرة فى الطهارة برفع الحدث الأصغر بالوضوء أو الحدث الأكبر بالغسل لا يجوز استعماله مره أخرى فى الطهارة، وهو ما عليه جمهور الفقهاء، وأجازه مالك فى رواية، أما الماء الباقى بعد التطهر فيجوز التطهر به مرة أخرى ما دام باقيا على طهوريته