للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[كتابة القرآن للشفاء]

المفتي

عطية صقر.

مايو ١٩٩٧

المبادئ

القرآن والسنة

السؤال

هل يجوز أن تكتب بعض آيات القرآن يعلقها المريض أو يمحوها بالماء من أجل الشفاء؟

الجواب

أما أن القرآن شفاء فذلك أمر لا شك فيه، قال تعالى {وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين} الإسراء: ٨٢، وقال {يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما فى الصدور} يونس: ٥٧.

وقد حمل كثير من العلماء الشفاء على ما يعم الشفاء من الأمراض العقلية والنفسية والخلقية والجسمية، حيث لا يوجد ما يمنع ذلك.

فهو يصحح الفكر والعقيدة، ويهذب النفس ويمنحها الأمن والطمأنينة، ويقوم السلوك بالأخلاق الحميدة، ويزيل العلل والأمراض التى تعترى الأجساد.

وقد روى البخارى ومسلم حكاية سيد الحى الذى لُدغ، ورقاه المسلمون بفاتحة الكتاب فشفاه الله، وأخذوا على ذلك أجرا أقرهم عليه النبى صلى الله عليه وسلم وقال "إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله تعالى " والحديث بطوله موجود فى زاد المعاد لابن القيم "ج ٣ ص ١٢١ " وذكر أن ابن ماجه روى فى سننه من حديث على قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "خير الدواء القرآن " ووضح تأثير العلاج بالقرآن توضيحا كبيرا يمكن الرجوع إليه.

وقال بعض العلماء: إن المراد بشفاء القرآن هو ما عدا شفاء الأجسام، بدليل أن النبى صلى الله عليه وسلم أخبر أن لكل داء دواء إلا الموت أو إلا الهرم، وأمر بالتداوى، عند المختصين كالحارث بن كلدة، وعالج بالفصد والحجامة وشرب العسل وبغير ذلك مما وضحه ابن القيم فى كتاب الطب النبوى.

والحق أن علاج الأمراض البدنية مطلوب عند المختصين، والقرآن هو الذى أرشد إلى ذلك بسؤال أهل الذكر، وبالأمر بالتعلم والإفادة. مع الإيمان بفاعليته فى العلاج الفكرى والنفسى، وقد ذكر السيوطى فى "الإتقان "ج ٢ ص ١٦٣ طرفا من خواص القرآن فى العلاج العام، وأورد حديث ابن ماجه عن ابن مسعود "عليكم بالشفاءين العسل والقرآن " وحديث اللديغ سيد الحى وعلاجه بفاتحة الكتاب الذى رواه البخارى ومسلم، وذكر حديث الطبرانى عن على قال: لَدَغَتْ النبىَّ صلى الله عليه وسلم عقربٌ، فدعا بماء وملح وجعل يمسح عليها ويقرأ: قل يا أيها الكافرون والمعوذتين.

ثم ذكر السيوطى أن النووى قال فى شرح المهذب: لو كتب القرآن فى إناء ثم غسله وسقاه المريض فقال الحسن البصرى ومجاهد وأبو قلابة والأوزاعى:

لا بأس به، وكرهه النخعى، قال: ومقتضى مذهبنا - الشافعية - أنه لا بأس به. قال الزركشى: وممن صرح بالجواز فى مسألة الإناء العماد النيهى، مع تصريحه بأنه لا يجوز ابتلاع ورقة فيها آية، لكن أفتى ابن عبد السلام بالمنع من الشرب أيضا، لأنه يلاقى نجاسة الباطن. وفيه نظر.

هذا ما نقل عن العلماء فى جواز العلاج بالقرآن قراءة من الجواز، فهو نافع إن شاء الله وبخاصة إذا كان القارئ صالحا ترجى بركته، أو دعا الله بعد قراءة القرآن فقد يستجيب الله الدعاء، وقد رأينا أن النبى صلى الله عليه وسلم فى علاج لدغة العقرب أخذ بالوسائل المادية مع قراءة القرآن.

ورأينا اختلاف العلماء فى كتابة القرآن ومحوه بالماء وشربه للاستشفاء ما بين مجيز ومانع، مع تحرزهم من تعرض القرآن للنجاسة أو الإهانة

<<  <  ج: ص:  >  >>