للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الإنسان وقت الاحتضار]

المفتي

عطية صقر.

مايو ١٩٩٧

المبادئ

القرآن والسنة

السؤال

هل يمكن معرفة ما يعانيه الميت عند الاحتضار؟

الجواب

إن أمر الروح والآحوال الآخرة من الأمور المغيبة التى لا تُعْلمُ إلا بالأخبار الصادقة من القرآن الكريم وقد كثرت الأقوال عنها وتعددت الاجتهادات، والتمس البعض لآرائهم واجتهاداتهم سندا من تأويل القرآن فى نصوصه التى تحتمل أكثر من معنى ولا تفيد القطع فى الدلالة، ومن روايات ضعيفة أو مكذوبة على النبى صلى الله عليه وسلم.

وخروج الروح من الإنسان انتقال من عالم الشهادة إلى عالم الغيب، ومن الدنيا إلى الآخرة، وقد يكون خروج، أو فجأة لا تسبقها معاناة، وقد يكون خروجها مصحوبًا بالكرب والشدة، ولكن لا يصح أن يكون هناك ربط بين سهولة خروجها وكرامة صاحبها فقد يكون العكس، ولا بين المعاناة عند خروجها وهوان صاحبها عند الله فقد يكون العكس، فكثيرا ما نرى أشرارا انسلت أرواحهم فى لحظات وكثيرا ما نرى صالحين ظلوا أياما أو ساعات طوالا وهم يجودون بأنفاسهم الأخيرة حا ففى الترمذى عن عائشة رضى الله عنها قالت: رأيت رسول الله في صلى الله عليه وسلم وهو بالموت وعنده قد يدخل يده فى القدح ثم يمسح وجهه بالماء ثم يقول " اللهم أعنىِّ على سكرات الموت " وحكمة هذه الشدة على االابتلاء والاختبار ورفع الدرجات.

أما ملك الموت فتقول الروايات إنه كان يأتى للمحتضر عِيانًا ويعرفه، فرحم الله الأمة المحمدية ومنع ظهو تدخل الرعب فى قلوب المؤمنين، ومن الثابت أن الملائكة الموكلة بقبض الروح تنزل إلى المحتضر، ويراها وتب مؤمنا على ما فسر به قوله تعالى { {إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخاف بالجنة التى كنتم توعدون} [فصلت:٣٠] .

وأخوج الطبرانى فى الأوسط عن أبى بكر رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم دخل على أبى سلمة رضى فى الموت فلما شق بصره، أى شخص مدَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم يده فأغمضه، فلما أغمضه صاح أهل افسكَّتهم وقال " إن النَّفْس إذا خرجت يتبعها البصر، وإن الملائكة تحضر الموت، فيؤمنون على ما يقول أهل اللهم ارفع درجة أى سلمة فى المهديين واخلفه فى عقبه فى الآخرين، واغفر لنا وله يوم الدين ".

ذلك شئ مما جاء فى الكتب المعنية بأمور الصوت، ومع ذلك نكرر ما قلناه من أن كل الأحوال الأخروية ومقدما إلا بخبر صادق، فينبغى عدم الإكثار من الجدال فيها، ولنهتم بالعمل الصالح الذى يختم الله به حياتنا ب بالله كلما اقترب الأجل، فهو سبحانه عند حسن ظن عبده به، وبخاصة عند القدوم عليه، ومن أحب لقاء الله لقاءه

<<  <  ج: ص:  >  >>