ما تفسير قوله تعالى:{ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين} الملك: ٥، وبأى شكل ثبت الله الكواكب في السماء وهي جرم غير قابل للخرق والالتئام، وكيف أمكن وصول الإنسان إلى القمر وهو في السماء ذات الجرم الصلب كما وصفها حكماء اليونان؟
الجواب
ورد هذا السؤال من طالب من البلاد الإسلامية مقيم في مدينة البعوث بالأزهر سنة ١٩٧٢ م وكانت الإجابة: إن الآية واضحة المعنى، فاللَّه سبحانه قد جعل في السماء الدنيا نجومًا مضيئة وكواكب سيارة تزينها، وجعلها رجوما للشياطين إذا حاولوا أن يسترقوا السمع، على ما جاء في قوله تعالى {وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدًا وشهبا. وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابًا رصدًا} الجن: ٨، ٩،.
والسماء الدنيا إحدى السموات السبع التي قال الله فيها {ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سموات} البقرة: ٢٩، وقال تعالى {اللَّه الذي خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن} الطلاق: ١٢، وإذا كانت السماء سقفًا للأرض كما قال تعالى {وجعلنا السماء سقفا محفوظا} الأنبياء: ٣٢، وإذا كانت الأرض كروية فالسموات أيضًا كروية والسماء الدنيا أي القريبة من الأرض أصغرها، وما بعدها أكبر منها وهكذا.
وكل هذه المصابيح الإلهية في السماء الدنيا أي الأولى، ووجودها محفوظ بقدرة اللَّه كما رفع السماء بغير عمد، فلله تعالى قوانين، بها وضع كلا في موضعه، وجعل له مدارا معينا لا يتعداه:{كل في فلك يسبحون} الأنبياء: ٣٣، وتثبيت هذه المصابيح في أماكنها لا يلزم أن يكون بحبل أو سلاسل مادية، فقدرة اللَّه أكبر من ذلك، فلا تتصور تثبيتها كما تتصور ثريات المنازل وهي معلقة في السقف، ولا تنزل عمل الله وقدرته على ما تعهده في عالمك الناقص العاجز، وحقيقة السموات ومادتها لا يعلمها إلا الله سبحانه، وكل ما قاله الباحثون ظنون لا تعتمد على دليل صحيح، وقد آمن كثير من الباحثين المتعمقين بوجود اللَّه عندما عجزوا عن متابعة الكشف عن هذا الكون الواسع ذي الأبعاد التي تعجز عن تحديدها أساليب العلم البشري الحديث.
ومهما يكن من شيء أيها الطالب العزيز فإن اللَّه لم يكلفنا بمعرفة كيفية تثبيت الكواكب والنجوم ولا بمادة السماء، وهي ليست من العقائد التي تسأل عنها. والبحث فيها متروك لكل إنسان حسب طاقته واستعداده وسيصل عند تعميق النظر إلى الإيمان الراسخ بوجود الله وقدرته، وكل حقيقة ثابتة فالقرآن متفق معها، ولا يجوز أن نقارن بين ما في القرآن وبين الظنون والافتراضات والنظريات التي لم يثبتها الدليل الصحيح