يقول الله تعالى:{يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم} النساء: ٥٩ فمن هم أولوا الأمر الذين تجب طاعتهم؟
الجواب
كما تجب طاعة الله ورسوله فيما جاء فى القرآن والسنة تجب طاعة أولى الأمر فيما لم يرد فيه نص من الكتاب والسنة، وللمفسرين أقوال فى المراد بهم، فقيل: هم الحكام والولاة والأمراء، وقيل: هم العلماء وأهل القرآن، وقيل هم أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم عامة وقيل: هم أبو بكر وعمر، وقيل: هم أولو الرأى والعقل الذين يدبرون أمور الناس. وهذه الأقوال فى قوتها على هذا الترتيب، فأقواها أنهم الحكام والولاة والأمراء، لأن نظام الجماعة منوط بهم، وتجب طاعتهم فيما فيه مصلحة وليس معصية لله. وإذا كان من قواعد الحكم فى الإسلام الشورى فيما لم يرد فيه نص فإن الحاكم أو الوالى أو الأمير إذا عرض له أمر يستشير أهل العلم أو الرأى والخبرة، فإذا اختلفوا يعرض الأمر على القرآن وعلى الرسول فى حياته، وعلى سنته، بعد مماته، فهما الحكم عند التنازع.
ومما يقوى هذا الرأى ما رواه البخارى ومسلم عن ابن عباس رضى الله عنهما أن هذه الآية نزلت فى عبد الله بن حذافة السهمى حين بعثه الرسول فى سرية رئيسا وقائدا على جماعة فى الغزو، وكانت له دعابات معروفة، ومن دعابته أنه أمر من معه أن يوقدوا نارا ثم أمرهم بالتقحُّم فيها، قائلا: ألم يأمركم الرسول بطاعتى؟ فأبوا وقالوا: ما آمنا بالله واتبعنا رسوله إلا لننجو من النار، فصوَّب الرسول فعلهم وقال: لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق، قال تعالى {ولا تقتلوا أنفسكم} النساء: ٢٩.
فأولو الأمر من يَلُون أمور الناس فى أى منصب ما دامت لهم سلطة الأمر والنهى، وكان منهم أيام الرسول صلى الله عليه وسلم عماله على القبائل والبلاد وأمراء الجيش وولاته على القضاء وجباية الأموال.
وطاعتهم واجبة فى الدين فى غير ما يتصادم مع القرآن والسنة وأصول الدين، وفى الدنيا فيما فيه مصلحة، والتنازع فى الرأى وهو مظهر الشورى يكون فى غير المنصوص عليه والمفروغ من حكمه.
والاحتكام عند النقاش يكون للأصل الثابت عن الله ورسوله، لا إلى مواضعات أو أعراف أو قوانين تضاد الشريعة، ذلك خير وأحسن تأويلا