إذا أقيم الحد على الزانى، هل هذا الحكم يكفى لمحو الذنب عنه أم أن الله يعاقبه عليه فى الآخرة؟
الجواب
روى البخارى ومسلم عن عبادة بن الصامت فى حديث المبايعة على عدم الشرك والسرقة والزنى والقتل أن النبى صلى الله عليه وسلم قال:" فمن وفى منكم فأجره على اللَّه، ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب به فى الدنيا فهو كفارة له لما وروى مسلم حديث الجهنية التى أقيم عليها حد الزنى، وصلى عليها النبى صلى الله عليه وسلم وقال جوابا عن استفهام: " لقد تابت توبة لو قسمت على سبعين من أهل المدينة لوسعتهم، وهل وجدت أفضل من أن جادت بنفسها للَّه " وروى الترمذى والحاكم وصححه حديث: " من أصاب ذنبا فعوقب به فى الدنيا فاللَّه أكرم من أن يثنى العقوبة على عبده فى الآخرة ". بناء على هذه الأحاديث رأى أكثر العلماء أن الحدود كفارات للذنوب أى جوابر لا يعاقب اللَّه عليها بعد ذلك، ولكن قال بعض التابعين والمعتزلة وابن حزم: الحدود زواجر لا جوابر، وعلى من أقيم عليه الحد أن يتوب إلى اللَّه توبة نصوحا حتى يكفر الله ذنبه. وتوقف جماعة فى الحكم بناء على حديث رواه الحاكم وقال عنه الحافظ ابن حجر: إنه صحيح على شرط الشيخين، أن النبى صلى الله عليه وسلم قال " لا أدرى: الحد كفارة لأهلها أم لا ".
ولكن الرأى الأول أرجح، لأن أدلته أقوى، وهذا كله فى الحق الخالص للَّه، الذى ليست له علاقة بحقوق العباد، أما ما فيه حق للعباد فمع الحد والتوبة لا بد من رد هذه الحقوق أو طلب العفو والتنازل عنها، فإن لم يفعل ذلك طالبه أهل الحقوق بحقوقهم يوم القيامة، وإن كان صادق التوبة فى الدنيا مع الله، وحاول رد الحقوق لأصحابها، أو طلب العفو منهم ولم يستطع فالمرجو من اللَّه - ورحمته واسعة - أن يطلب له العفو منهم، والله أعلم