إذا دخل الإنسان فوجد الجماعة قائمة فنوى الصلاة ولم يدرك الفاتحة أو بعضها فركع الإمام هل يركع أو ينتظره لقراءة الفاتحة أو ما بقى منها، وإذا ركع هل تحسب له ركعة أم لا تحسب لأنه لم يقرأ الفاتحة؟
الجواب
ثبت فى الحديث الذى رواه الجماعة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال:
"لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب " قال الأئمة الثلاثة مالك والشافعى وأحمد: قراءة الفاتحة لا بد منها لصحة الصلاة، فلو تركت كلها أو ترك بعضها بطلت الصلاة، وعند أبى حنيفة: الفرض هو قراءة ما تيسر من القرآن ولا يتحتم أن يكون الفاتحة، ومناقشة هذا الرأى ليس محلها هنا، ويمكن الاطلاع عليها فى نيل الأوطار للشوكانى "ج ٢ ص ٢١٨" وكل ذلك فيمن يقدر على القراءة.
وقراءة الفاتحة مفروضة فى كل ركعة كما علم النبى صلى الله عليه وسلم المسىء لصلاته، وكما رواه البخارى أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يقروها فى كل ركعة ورأى أبو حنيفة أنها تقرأ فى الركعتين الأوليين، وفيما زاد تجوز قراءتها أو التسبيح أو السكوت.
ولو نسى المصلى قراءتها بطلت صلاته عند الشافعية والحنابلة، أما المالكية فقالوا: إن كان النسيان فى صلاة ثنائية بطلت، وإن كان فى ثلاثية أو رباعية ففى ذلك روايات عن مالك، رواية بالبطلان، ورواية بالصحة مع سجود السهو، ورواية بإعادة الركعة التى نسى فيها الفاتحة مع سجود السهو بعد السلام.
هذا هو الحكم بالنسبة للمنفرد وللإمام، أما المأموم فقد ذكرنا حكمه فى إجابة سابقة عن القراءة خلف الإمام، وملخصها: أن قراءة الفاتحة واجبة على المأموم عند الشافعية ومكروهة كراهة تحريم عند الحنفية، فى الصلاة السرية والجهرية، ومندوبة فى السرية مكروهة فى الجهرية عند المالكية، وكذلك قال الحنابلة: إنها مستحبة فى السرية وفى سكتات الإمام من الجهرية وكره حال قراءة الإمام فى الصلاة الجهرية.
وبعد استعراض الآراء ومناقشة الأدلة انتهى الشوكانى إلى قوة الرأى القائل بوجوب قراءتها على الإمام والمأموم فى كل ركعة. ثم قال: ومن هنا يتبين لك ضعف ما ذهب إليه الجمهور أن من أدرك الإمام راكعا دخل معه واعتد بتلك الركعة وإن لم يدرك شيئا من القراءة، واستدلوا على ذلك بحديث أبى هريرة "من أدرك الركوع من الركعة الأخيرة فى صلاته يوم الجمعة فليضف إليها ركعة أخرى" رواه الدارقطنى من طريق ياسين بن معاذ وهو متروك، وأخرجه الدارقطنى بلفظ "إذا أدرك أحدكم الركعتين يوم الجمعة فقد أدرك، وإذا أدرك ركعة فليركع إليها أخرى" وقال الشوكانى: فى أحد السندين راو متروك وفى الآخر راو ضعيف، وأن الحديث هو فى الجمعة وذلك يشعر بأن غيرها مخالف لها، ثم وضح بطلان رأى الجمهور. وذكر أن السبكى كان يختار عدم الاعتداد بالركعة لمن لا يدرك الفاتحة. وأن حديث أبى بكرة الذى ركع ليدرك الرسول فى الركوع، وأن الرسول قال له " لا تعد" فيه مناقشة فى معنى "لا تعد" وأن حديث "ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا" يشمل فوت الركعة والركن والذكر المفروض لأن الكل فرض لا تتم الصلاة إلا به، فلا يجوز تخصيص شىء من ذلك بغير نص آخر، ثم انتهى الشوكانى إلى القول بأن العلامة محمد بن إسماعيل الأمير ألَّف رسالة رجح فيها مذهب الجمهور، وكتب هو أبحاثا فى الجواب عليها.
فخلاصة الموضوع: أن المسبوق إن أدرك مع الإمام الركوع ولم يقرأ الفاتحة أو شيئا منها فاتتة الركعة خلافا للجمهور الذى قال بالاعتداد بالركعة، وحجتهم ضعيفة، ودعوى الإجماع غير صحيحة "نيل الأوطار للشوكانى ج ٢ ص ٢١٨ ت ٢٢٨ "