للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الاعتداء على المسجد الحرام]

المفتي

جاد الحق على جاد الحق.

محرم ١٤٠٠ هجرية - ٢٦ نوفمبر ١٩٧٩ م

المبادئ

١ - الأحاديث الشريفة دالة على حرمة المسجد الحرام، وحرمة القتال فيه، وحرمة مكة تبعا له.

٢ - الفئة الباغية على حرم الله أيا كانت جنسيتها يجب قتالها.

٣ - حماية المسجد الحرام واجب كل المسلمين، ويأثمون إن هم وقفوا متفرجين أو مترقبين

السؤال

عن الأنباء المؤسفة التى أذيعت صباح الأربعاء مطلع العام الهجرى الجديد ١٤٠٠ هجرية وتناقلتها الصحافة عن اقتحام عدد من المسلحين المسجد الحرام بمكة عند صلاة فجر الثلاثاء، واحتجازهم عددا من المسلمين الموجودين بالحرم للصلاة، وأنهم ر وعُوا المصلين والطائفين وأفزعوهم عن الصلاة فى حرم الله الآمن

الجواب

إنه لأمر محزن حقا أن يحدث الاقتحام لحرم الله وللبلد الذى جعله الله آمنا.

ففى الحديث الشريف الذى رواه البخارى ومسلم (إن مكة حرمها الله تعالى ولم يحرمها الناس، فلا يحل لامرىء يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دما ولا يعضد بها شجرة، فإن أحد ترخص لقتال رسول الله فيها فقولوا له إن الله تعالى قد أذن لرسوله ولم يأذن لكم وإنما أذن فى ساعة من نهار وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس) وروى الطبرانى فى الأوسط بسنده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (إن الله حرم هذا البيت يوم خلق السموات والأرض وصاغه يوم صاغ الشمس والقمر وما حياله من السماء حرام وأنه لا يحل لأحد بعدى وإنما أحل لى ساعة من نهار ثم عاد كما كان) .

وروى ابن ماجه بسنده قول الرسول صلى الله عليه وسلم (لا تزال هذه الأمة بخير ما عظموا هذه الحرمة حق تعظيمها فإذا ضيعوا ذلك هلكوا) وروى الطبرانى والبيهقى فى الشعب عن عائشة رضى الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (ستة لعنتهم - وكل نبى مجاب الدعوة - الزائد فى كتاب الله، والمكذب بقدر الله، والمتسلط بالجبروت ليذل من أعز الله ويعز من أذل الله، والتارك لسنتى، والمستحل من عترتى ما حرم الله، والمستحل لحرم الله) .

والأحاديث الشريفة فى هذا كثيرة كلها دالة على حرمة المسجد الحرام وحرمة القتال فيه وحرمة مكة تبعا له، وذلك كله جاء بيانا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، لما ورد فى القرآن الكريم من آيات عديدة تقضى بتحريم المسجد الحرام وجعله حرما آمنا للعاكف فيه والباد.

وبناء على ذلك فإن هذه الفئة الباغية على حرم الله أيا كانت جنسيتها، يجب أن تنال جزاء بغيها وعدوانها، فقد ارتكبت كبيرة الكبائر ودنست حرم الله الآمن، وروعت المصلين والطائفين والعاكفين، فوجب قتالها والقضاء عليها.

وإن مفتى جمهورية مصر العربية ليدعو كافة المسئولين المسلمين إلى الوقوف ضد هذه الفئة، ويدعو المسئولين فى مصر خاصة أن يواجهوا هذا البغى والعدوان على حرم الله بالحسم والقوة شأن مصر فى كل ما يهم المسلمين ترتفع دائما بمسئوليتها فوق الواقع.

وهذا هو ما يقضى به القرآن الكريم فى قوله تعالى {ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوى عزيز} الحج ٤٠، قاتلوا هذه الفئة يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف سدور قوم مؤمنين، فإنها ممن جاء فى شأنها حكم الله فى قوله {ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى فى خرابها} البقرة ١١٤، إن حماية المسجد الحرام واجب كل المسلمين، وهم جميعا آثمون إن وقفوا متفرجين أو مترقبين، بل على المسئولين أيا كان موقعهم أن يمدوا يد العون والمشورة لمواجهة هذا التعدى على قبلة المسلمين.

والله المستعان فاستعينوا بالله واصبروا {إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون} النحل ١٢٨

<<  <  ج: ص:  >  >>