ما معنى قولهم: لا اجتهاد مع النص، وهل هذا يمنع الاجتهاد فيما يجُد من الأمور فى الحياة؟
الجواب
هذا التعبير يقصد به أن الإنسان إذا أراد أن يعرف حكما شرعيا ينبغى أن يرجع إلى الكتاب والسنة، فإن وجد فيها الحكم اقتنع به وأراح نفسه ولا يكلفها البحث عنه فى مصادر أخرى يقوم عليها الاجتهاد كالقياس ونحوه.
فالذى يريد أن يعرف وجوب الصلاة يكفيه قوله تعالى:{وأقيموا الصلاة} البقرة: ٤٣ وقوله صلى الله عليه وسلم "بنى الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة ... " رواه البخارى ومسلم.
والذي يريد أن يعرف عدد الصلوات المفروضة وعدد ركعات كل منها فليرجع إلى سنة النبى صلى الله عليه وسلم وفيها الكثير مما يدل على ذلك. وأى اجتهاد يخالف ما نص عليه القرآن والسنة فهو مرفوض. وهذا لا يمنع القول بجواز الاجتهاد فى النص بمعنى أنه إذا امتنع الاجتهاد لمعرفة الحكم مع وجود النص، فإن النص نفسه يجوز فيه الاجتهاد، لا لقبوله أو رفضه، ولكن لفهمه فهما دقيقا إذا كان فيه اشتباه مثلا، إن تشريع الوضوء للصلاة جاء صريحا فى قوله تعالى:{يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين} المائدة: ٦ فمسح الرأس مطلوب، لكن هل يجب مسح جميع الرأس أو يكفى مسح البعض؟ إن الباء التى تعدى بها الأمر بالمسح هى التى اجتهد فيها العلماء من أجل معرفة القدر الممسوح وذلك لأن لها عدة معان فى اللغة العربية والقرآن الكريم عربى يفسر عند عدم وجود النص على ضوء هذه اللغة فقال بعض الفقهاء بوجوب مسح كل الرأس، واكتفى البعض بمسح جزء من الرأس، وتوضيح ذلك ليس محله الآن.
فالخلاصة أن الاجتهاد لمعرفة الحكم ليس له محل ما دام النص موجودا، أما الاجتهاد فى النص لفهمه فهما دقيقا فيجوز على القواعد التى وضعها العلماء لذلك، وهى مذكورة فى موضع آخر من هذه الفتاوى